تشهد سوق العملات المشفرة حاليًا حالة من عدم الاستقرار الشديد مع انخفاض كبير في قيمة البيتكوين والإيثريوم والعديد من الأصول الرقمية الأخرى. يأتي هذا الهبوط في ظل اتجاه عالمي لتقليل المخاطر وتزايد الشكوك حول التقييمات المرتفعة لشركات التكنولوجيا، مما أثر سلبًا على شهية المستثمرين تجاه الأصول ذات التقلبات العالية.
وتشير التقارير إلى أن السوق تمر بأصعب أوقاتها منذ انهيار بورصات العملات الرقمية في عام 2022، حيث تضغط عمليات البيع المكثفة على الأسعار وتتسبب في خسائر تتجاوز التوقعات. وقد وصفت وكالة بلومبيرغ المتخصصة الوضع بأنه “خوف شديد” بين المتعاملين في هذا القطاع.
هبوط حاد في الأسواق الآسيوية
في التعاملات الآسيوية يوم الجمعة، انخفضت قيمة البيتكوين بنسبة 5.5% لتصل إلى 81,668 دولارًا، وهو أدنى مستوى لها منذ سبعة أشهر. كما تراجعت الإيثريوم بنسبة 6% إلى 2,261.37 دولارًا، مسجلةً أدنى مستوى لها في أربعة أشهر.
لكن سرعان ما استعادت العملات المشفرة بعضًا من خسائرها، مما يشير إلى تقلبات مستمرة في السوق. ومع ذلك، لا يزال الاتجاه العام سلبيًا هذا الأسبوع.
وبحسب البيانات، سجلت كل من البيتكوين والإيثريوم خسائر تتجاوز 12% خلال هذا الأسبوع، وذلك بسبب المخاوف المتزايدة بشأن احتمال تأجيل خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي.
يرى توني سيكامور، محلل أسواق في شركة “آي جي”، أن هذه التطورات تعكس حالة من التشاؤم بشأن المخاطر بشكل عام، مضيفًا أن الوضع بدأ يتدهور بسرعة، وهو ما يثير القلق.
وتُظهر بيانات منصة “كوينجيكو” أن القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة قد فقدت ما يقرب من 1.2 تريليون دولار خلال الأسابيع الستة الماضية.
أسوأ أداء شهري منذ انهيار 2022
وتشير وكالة بلومبيرغ إلى أن البيتكوين تتجه نحو تسجيل أسوأ أداء شهري لها منذ عام 2022، حيث فقدت حوالي ربع قيمتها خلال شهر نوفمبر. ويُعد هذا التراجع أكبر انخفاض شهري منذ يونيو 2022.
وعلى صعيد متصل، انخفضت القيمة الإجمالية للالأصول الرقمية إلى ما دون 3 تريليونات دولار للمرة الأولى منذ أبريل من العام الجاري.
وتلفت بلومبيرغ الانتباه إلى أن عمليات البيع الضخمة بدأت في العاشر من أكتوبر، وأدت إلى تصفية ما قيمته 19 مليار دولار من المراكز المفتوحة، مما تسبب في تبخر 1.5 تريليون دولار من القيمة السوقية للعملات المشفرة خلال أسابيع قليلة.
تفاقمت الضغوط البيعية خلال الـ24 ساعة الماضية، حيث تم تصفية مليارَي دولار إضافية من المراكز المرفوعة، وفقًا لبيانات “كوين غلاس”.
علاوة على ذلك، شهدت 12 صندوقًا متداولًا للبيتكوين في الولايات المتحدة تدفقات خارجة صافية بقيمة 903 ملايين دولار يوم الخميس، وهو ثاني أكبر خروج يومي منذ إطلاق هذه الصناديق في يناير 2024.
وانخفض “الفائدة المفتوحة” على العقود الدائمة بنسبة 35% عن ذروتها في أكتوبر البالغة 94 مليار دولار، مما يعكس تراجع الثقة في السوق.
تحركات كبيرة من مستثمرين كبار
وتشير وكالة بلومبيرغ إلى أن محفظة تحمل اسم “أوين غاندان” (نشطة منذ عام 2011) بدأت في بيع ما قيمته 1.3 مليار دولار من البيتكوين في أواخر أكتوبر، وأكملت عملية البيع يوم الخميس، وفقًا لـ “أركهام إنتليجنس”.
ويؤكد براتيك كالا، مدير المحافظ في صندوق “أبولو كريبتو” الأسترالي، أن معنويات المستثمرين “متدهورة للغاية”، مضيفًا أن هناك بائعًا مُجبَرًا في السوق، ولا يزال من غير الواضح مدى استمرار هذا الوضع.
من المتوقع أن يراقب المستثمرون عن كثب بيانات التضخم الأمريكية المقبلة لمعرفة ما إذا كان البنك الفيدرالي سيغير مساره بشأن أسعار الفائدة. كما أنهم سيتابعون تطورات اللوائح التنظيمية المتعلقة بالالاستثمار في العملات الرقمية. يظل مستقبل السوق غير مؤكد، ويتوقف على عدة عوامل اقتصادية وسياسية.
