النيجر تزود مالي بـ82 صهريج محروقات لتخفيف ضائقة الوقود

وصلت إلى العاصمة المالية باماكو يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني قافلة تضم 82 صهريجا من المحروقات قادمة من النيجر، في خطوة تهدف إلى دعم إمدادات الوقود في مالي التي تواجه نقصًا متكررًا. تأتي هذه المبادرة في إطار دعم رسمي من السلطات النيجرية، وذلك في ظل الضغوط المتزايدة على السوق المحلية وتأثيراتها على الحياة اليومية للمواطنين.
وقطعت الشحنة مسافة طويلة عبر محور نيامي-باماكو، وهو طريق حيوي ولكنه يشهد تحديات أمنية، قبل أن يتم تسليمها رسميًا إلى وزير الصناعة والتجارة المالي خلال حفل استقبال حكومي. وتأتي هذه المساعدة في وقت حرج بالنسبة لمالي، حيث تعاني من صعوبات في الحصول على إمدادات كافية من الطاقة.
أزمة الوقود في مالي وأسبابها
تشهد مالي منذ فترة أزمة متفاقمة في توفير الوقود، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار ونقص في المحطات، وتأثير سلبي على قطاعات النقل والصناعة والخدمات. وتعزو السلطات المالية جزءًا من هذه المشكلة إلى التوترات الأمنية في المنطقة، والتي تعيق حركة الإمدادات وتزيد من المخاطر على الشركات الناقلة.
بالإضافة إلى ذلك، تعتمد مالي بشكل شبه كامل على استيراد المحروقات، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية وأي اضطرابات في سلاسل الإمداد الدولية. وتشير تقديرات دولية إلى أن الاستهلاك اليومي لمالي يقدر بنحو 40 ألف برميل، أي ما بين 6.3 و6.5 مليون لتر يوميًا، وهو ما يعكس حاجة متزايدة للطاقة.
الدور المتنامي للنيجر في إمدادات الطاقة الإقليمية
تأتي هذه المبادرة النيجرية في سياق الدور المتنامي للنيجر كمصدر للطاقة في منطقة الساحل. فقد أصبح النيجر بلدًا مصدرًا للنفط بفضل تشغيل خط أنابيب النيجر-بنين، مما يتيح له تلبية احتياجاته المحلية وتصدير الفائض إلى الدول المجاورة.
وتسعى النيجر إلى تعزيز هذا الدور من خلال الاستثمار في تطوير قطاع الطاقة لديها، وزيادة إنتاجها من النفط والغاز، وتوسيع شبكات النقل والتوزيع. ويعتبر دعم مالي بالوقود خطوة مهمة في إطار هذا التعاون الإقليمي.
التعاون الإقليمي ومستقبل إمدادات الطاقة
تندرج هذه المبادرة ضمن جهود متزايدة لتعزيز التعاون بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو، خاصة في إطار “اتحاد دول الساحل”. يشهد هذا الاتحاد تنسيقًا متزايدًا في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة، بهدف تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وتسعى الدول الثلاث إلى بناء شبكات إمداد أكثر مرونة وأقل عرضة للضغوط الخارجية، من خلال تنويع مصادر الطاقة وتأمين الممرات التجارية. كما تتطلع إلى تطوير شراكات جديدة في قطاع الطاقة، لجذب الاستثمارات وتعزيز القدرات المحلية. وتشمل هذه الشراكات استكشاف مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية اللازمة لنقل وتوزيع الطاقة.
من جهتها، أعربت السلطات المالية عن تقديرها للمساعدة النيجرية، وأكدت أنها ستساهم في تهدئة السوق المحلية مؤقتًا وتخفيف حدة الأزمة. إلا أنها شددت على ضرورة إيجاد حلول مستدامة لضمان استقرار إمدادات الطاقة على المدى الطويل.
وتشمل هذه الحلول الاستثمار في تطوير البنية التحتية للطاقة، وتنويع مصادر الإمداد، وتعزيز التعاون الإقليمي. كما تتطلع مالي إلى استكشاف إمكانات إنتاج الطاقة المتجددة لديها، والاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة.
من المتوقع أن تستمر المناقشات بين الدول الثلاث حول آليات التعاون في قطاع الطاقة، وتحديد المشاريع ذات الأولوية. كما من المقرر إجراء دراسات جدوى لتقييم إمكانات تطوير البنية التحتية للطاقة، وتحديد أفضل الحلول لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه هذه الجهود، بما في ذلك التوترات الأمنية في المنطقة، ونقص التمويل، والقيود التنظيمية. لذلك، من الضروري مواصلة العمل والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة وبناء مستقبل مستدام للطاقة في منطقة الساحل.





