وسط اتهامات للصين وروسيا.. ما حقيقة فيديو “مزرعة البوتات” الذي يغزو إكس؟

أثار مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع مؤخرًا جدلاً كبيرًا حول ظاهرة الحسابات الوهمية (الروبوتات) على منصات التواصل الاجتماعي، وتحديدًا منصة إكس. يظهر الفيديو أشخاصًا يجلسون أمام عدد كبير من الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب، مما أدى إلى تساؤلات حول إمكانية وجود “مزارع بوتات” منظمة تهدف إلى التأثير في الرأي العام أو نشر معلومات مضللة. وقد انتشرت اتهامات متبادلة حول مصدر ومدى صحة هذا الفيديو.
وبدأ الجدل بعدما لاحظ مستخدمو منصة إكس ظهور عدد كبير من الحسابات التي تبدو نشطة بشكل غير طبيعي، وتشارك في نقاشات حول مواضيع مختلفة. وقد أدى ذلك إلى تتبع مواقع هذه الحسابات الجغرافية، واكتشاف أن بعضها نشط من دول بعيدة عن الجمهور المستهدف، مما عزز الشكوك حول هويتها الحقيقية وأهدافها.
ما هو مصدر مقطع الفيديو المتداول حول الحسابات الوهمية؟
بدأت القصة عندما ظهر مقطع الفيديو الذي يزعم تصوير “مزرعة بوتات” على منصات التواصل الاجتماعي، تحديدًا على إكس. سرعان ما انتشر الفيديو مع ادعاءات مختلفة حول مصدره وهدفه. زعم بعض المستخدمين أن الفيديو يظهر أنصارًا لحركة “ماغا” يعملون على الترويج لأفكارهم من خلال حسابات وهمية في دول مثل روسيا والهند وباكستان.
في المقابل، أشار آخرون إلى أن الفيديو قديم ومضلل، وأنه يعود لشركة تسويق رقمي في فيتنام تدعى “إم آي إن سوفت وير” (MIN Software). وبحسب مصادر مختلفة، فإن الشركة استخدمت هذا الفيديو في الأصل لعرض إمكانياتها في إدارة وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن تم استخدامه لاحقًا في سياقات مختلفة وغير دقيقة.
الخلافات حول دوافع نشر الفيديو
بالتزامن مع الحرب في غزة، أعاد حسابات إسرائيلية ويمينية نشر الفيديو مع ادعاءات تفيد بأنه يظهر عملية منظمة للتضليل الرقمي ضد إسرائيل. زعمت هذه الحسابات أن الفيديو يوثق “مزرعة بوتات صينية” تعمل على تضخيم الأخبار السلبية عن إسرائيل ونشر الدعاية المعادية للسامية.
بينما يرى البعض الآخر أن هذه الادعاءات مبالغ فيها، وأن الفيديو يهدف ببساطة إلى إثارة الذعر والشكوك حول مصداقية المعلومات المتداولة على الإنترنت.
التحقق من صحة الادعاءات المتعلقة بالفيديو
أجرى فريق “الجزيرة تحقق” تحقيقًا مفصلاً في صحة الادعاءات المتعلقة بالفيديو. وتبين من خلال البحث العكسي أن الفيديو قد ظهر في فيديوهات أخرى على حساب شركة “إم آي إن سوفت وير” على منصة “تيك توك”، قبل أن يُحذف.
وأكد التحقيق أن شعار الشركة يظهر بوضوح على قميص أحد الأشخاص في الفيديو، مما يدعم الرواية القائلة بأن الفيديو يعود إلى شركة تسويق رقمي في فيتنام وليست “مزرعة بوتات” سياسية كما زُعم. وبالرغم من ذلك، لا يزال الجدل قائمًا حول كيفية استخدام الفيديو في نشر معلومات مضللة. وتعتبر مسألة التضليل الإعلامي من التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمعات في العصر الرقمي.
الحسابات المزيفة (bots) ليست بالظاهرة الجديدة، ولكنها تتزايد تعقيدًا وتطورًا، مما يجعل من الصعب اكتشافها ومكافحتها. وتستخدم هذه الحسابات لأغراض مختلفة، منها الترويج لمنتجات أو خدمات، أو التأثير في الانتخابات، أو نشر الدعاية السياسية.
تأثير الحسابات الوهمية على الرأي العام
يمكن أن يكون للحسابات الوهمية تأثير كبير على الرأي العام، خاصةً عندما يتم استخدامها لنشر معلومات كاذبة أو مضللة. وقد يؤدي ذلك إلى تشويه الحقائق، وإثارة الفتن، وتقويض الثقة في المؤسسات الإعلامية والسياسية. إن هذه الممارسات تعتبر من أشكال التلاعب بالرأي العام وتضر بالمصداقية المجتمعية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام الحسابات الوهمية إلى تضخيم الأصوات المتطرفة، وتقليل فرص الحوار البناء والتسامح.
ما هي الخطوات التالية؟
من المتوقع أن تستمر منصات التواصل الاجتماعي في تطوير أدواتها وتقنياتها لكشف الحسابات الوهمية وإزالتها. في الوقت نفسه، يجب على المستخدمين توخي الحذر والتحقق من مصادر المعلومات قبل مشاركتها. كما أن هناك حاجة إلى زيادة الوعي العام بمخاطر التضليل الإعلامي وأهمية التفكير النقدي.
وعلى الرغم من التحقيقات التي جرت، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان الفيديو المتداول جزءًا من حملة منظمة للتضليل الإعلامي أم مجرد سوء فهم. يجب على الجهات المعنية إجراء المزيد من التحقيقات لتحديد المسؤولين عن نشر المعلومات المضللة واتخاذ الإجراءات اللازمة.





