«المساحة الجيولوجية» تكشف عن الحقول البركانية في المملكة
أعلنت الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية السعودية (SGS) عن اكتشاف أن المملكة العربية السعودية تضم أحد أكبر التكوينات البركانية في العالم، والمعروفة محليًا باسم الحرات. وتغطي هذه الحقول البركانية الشاسعة مساحة تقدر بنحو 90,000 كيلومتر مربع، وهو ما يمثل حوالي 4.6% من إجمالي مساحة المملكة. هذا الكشف يلقي الضوء على الجانب الجيولوجي الفريد للمملكة ويفتح آفاقًا جديدة للبحث والدراسة في هذا المجال.
وقد نشرت الهيئة هذا الإعلان عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، مما أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط العلمية والإعلامية. وأكدت الهيئة أن معظم هذه البراكين تعتبر خامدة، ولم تشهد المملكة ثورانات بركانية كبيرة في العصور الحديثة، باستثناء ثوران حرة رهاط في عام 1256 هـ بالقرب من المدينة المنورة. هذا الإعلان يأتي في سياق جهود الهيئة لرسم الخرائط الجيولوجية التفصيلية للمملكة.
الحرات السعودية: تكوينات بركانية واسعة النطاق
تُعرف الحرات بأنها حقول من الصخور البركانية البازلتية الناتجة عن تدفقات الحمم البركانية. تتميز هذه التكوينات بانتشارها في مناطق واسعة من غرب المملكة العربية السعودية، وتشكل جزءًا هامًا من المناظر الطبيعية. تعتبر دراسة هذه الحرات ضرورية لفهم تاريخ المنطقة الجيولوجي وتقييم المخاطر البركانية المحتملة.
أشهر حقول الحرات في المملكة
تضم المملكة العربية السعودية العديد من حقول الحرات المعروفة، من بينها حرة رهاط التي شهدت آخر ثوران بركاني ملحوظ في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تشمل حرة خيبر، وحرة عويرض، وحرة الشاقة، والتي تتميز بتكويناتها الجيولوجية الفريدة وتاريخها البركاني. تختلف هذه الحرات في حجمها وشكلها وتكوينها الصخري.
وفقًا للهيئة العامة للمساحة الجيولوجية السعودية، فإن هذه الحرات تشكلت على مدى ملايين السنين نتيجة للنشاط التكتوني والبركاني في المنطقة. وتشير الدراسات الجيولوجية إلى أن هذه الحقول البركانية مرتبطة بظاهرة “النقاط الساخنة” في الوشاح الأرضي، حيث ترتفع أعمدة من الصهارة لتغذي البراكين على سطح الأرض. هذه العملية ساهمت في تشكيل المناظر الطبيعية المميزة في غرب المملكة.
تعتبر الحرات بيئات فريدة من نوعها تدعم تنوعًا بيولوجيًا خاصًا. على الرغم من الظروف القاسية التي تتميز بها هذه المناطق، إلا أنها تعد موطنًا لبعض النباتات والحيوانات المتكيفة مع البيئات البركانية. تتطلب هذه النظم البيئية الحساسة إدارة مستدامة لحماية مواردها الطبيعية.
بالإضافة إلى أهميتها الجيولوجية والبيئية، تحمل الحرات قيمة ثقافية وتاريخية للمملكة. فقد استخدمت هذه المناطق كمواقع للاستيطان البشري منذ العصور القديمة، وتضم العديد من الآثار والمواقع التاريخية. تعتبر الحرات جزءًا من الهوية الوطنية للمملكة وتعكس تاريخها العريق.
تأتي هذه الاكتشافات في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية اهتمامًا متزايدًا بالبحث العلمي والاستثمار في قطاع الجيولوجيا. وتسعى الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية السعودية إلى تطوير قدراتها في مجال رسم الخرائط الجيولوجية والتحليل الجيوفيزيائي وتقييم الموارد الطبيعية. يهدف هذا الجهد إلى دعم التنمية المستدامة للمملكة وتحقيق رؤية 2030.
النشاط البركاني في شبه الجزيرة العربية ليس بالأمر الجديد، حيث تشير السجلات الجيولوجية إلى وجود نشاط بركاني متقطع على مدى ملايين السنين. ومع ذلك، فإن معظم هذه البراكين خامدة، ولا تشكل خطرًا كبيرًا على السكان. تراقب الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية السعودية هذه البراكين عن كثب، وتقوم بتقييم المخاطر المحتملة بشكل دوري.
تعتبر دراسة الحرات في المملكة العربية السعودية ذات أهمية خاصة في سياق التغيرات المناخية العالمية. فقد أظهرت الدراسات أن البراكين يمكن أن تؤثر على المناخ من خلال إطلاق الغازات الدفيئة والجسيمات العالقة في الغلاف الجوي. لذلك، فإن فهم تاريخ النشاط البركاني في المنطقة يمكن أن يساعد في تقييم تأثيره على المناخ والتنبؤ بالتغيرات المناخية المستقبلية.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تواصل الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية السعودية جهودها لرسم الخرائط الجيولوجية التفصيلية لحقول الحرات، وإجراء المزيد من الدراسات حول تاريخها وتكوينها. كما تخطط الهيئة لتطوير شبكة مراقبة بركانية متطورة، لتمكينها من رصد أي نشاط بركاني محتمل بشكل فعال. ستساعد هذه الجهود في حماية السكان والممتلكات، وتعزيز التنمية المستدامة في المملكة.
ويجب متابعة التقارير المستقبلية للهيئة العامة للمساحة الجيولوجية السعودية وتحديثاتها بشأن الحرات، بما في ذلك أي نتائج جديدة من الدراسات الجيولوجية أو الرصد البركاني.