الصين تدعو إلى تحالف بين الدول النامية في المعادن النادرة

دعا رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ إلى تشكيل تحالف دولي يركز على تطوير وتنظيم قطاع المعادن النادرة، وذلك في إطار سعي بكين لتعزيز مكانتها في سلسلة التوريد العالمية لهذه الموارد الحيوية، وفي ظل تصاعد المنافسة مع الولايات المتحدة. يأتي هذا الإعلان خلال قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، حيث يسعى الجانب الصيني لبناء شراكات جديدة لضمان الوصول إلى هذه المعادن الهامة.
تعتبر الصين حالياً المهيمنة على إنتاج المعادن النادرة، والتي تعتبر ضرورية في تصنيع مجموعة واسعة من التقنيات الحديثة بدءاً من الهواتف الذكية وصولاً إلى المركبات الكهربائية وأنظمة الدفاع. وقد أصبح وصول الدول الغربية إلى هذه المعادن نقطة خلاف رئيسية في التوترات التجارية المستمرة بين الصين والولايات المتحدة، مما دفع بكين إلى البحث عن تعزيز علاقاتها مع الدول الغنية بالموارد.
مبادرة التعاون في مجال المعادن النادرة
أطلق رئيس الوزراء لي تشيانغ ما أسماه “مبادرة التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي بشأن المعادن الخضراء”، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون في تطوير واستغلال المعادن النادرة بشكل مستدام. وتهدف المبادرة إلى ضمان توزيع عادل لفوائد سلسلة التوريد، وحماية مصالح الدول النامية، مع التركيز على الاستخدام المسؤول لهذه الموارد.
وبحسب تقارير صحيفة فايننشال تايمز، من المتوقع أن يضم التحالف 19 دولة على الأقل، بما في ذلك كمبوديا ونيجيريا وميانمار وزيمبابوي، بالإضافة إلى منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية. لم يتم الكشف عن تفاصيل محددة بشأن مساهمات كل دولة، أو الآليات المالية المقترحة حتى الآن.
أهداف المبادرة وتوقيتها
تأتي هذه المبادرة في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى تنويع مصادر المعادن النادرة وتقليل الاعتماد على الصين. وهناك مخاوف متزايدة بشأن القدرة الصينية على استخدام هيمنتها على هذه المعادن كأداة للتأثير السياسي.
أكد لي تشيانغ على أهمية “توزيع منافع” سلسلة التوريد و”حماية مصالح الدول النامية بشكل أفضل”، مشيراً إلى ضرورة “توخي الحذر في استخدامها للأغراض العسكرية وغيرها من الأغراض لمنع المخاطر الأمنية”. هذا التصريح يعكس رغبة الصين في تقديم نفسها كشريك مسؤول في تطوير هذه الموارد.
في المقابل، تواصل الولايات المتحدة جهودها لبناء تحالفات خاصة بها لتأمين سلاسل توريد المعادن الحيوية، وتشمل هذه التحالفات دولاً في أمريكا الشمالية وأوروبا وأفريقيا. وتعتبر هذه المساعي جزءًا من استراتيجية أوسع نطاقًا تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة في مجال التقنيات المتقدمة.
لم يقدم رئيس الوزراء تفاصيل فورية حول كيفية عمل مبادرة المعادن الخضراء، لكن وزارة التجارة الصينية أكدت أن أي تعاون في هذا المجال يجب أن يتماشى مع قواعد منظمة التجارة العالمية. هذا التأكيد يهدف إلى طمأنة الشركاء التجاريين بشأن التزام الصين بالتجارة الحرة والمنصفة.
الخلفية والاستجابة الأمريكية
تأتي هذه المبادرة بعد فترة من التوتر بشأن سياسات التصدير الصينية للمعادن النادرة. في الماضي، فرضت الصين قيودًا على الصادرات، مما أثار مخاوف بشأن إمكانية استخدامها كسلاح اقتصادي. وقد أدى ذلك إلى دعوات متزايدة في الولايات المتحدة وحلفائها لبناء بدائل لسلاسل التوريد الصينية.
وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة قد حصلت على تعهدات من الصين بإصدار تراخيص تصدير عامة للمعادن النادرة، مما قد يسهل على الشركات الغربية الحصول على هذه الموارد. ومع ذلك، لا تزال التفاصيل قيد التفاوض، وهناك شكوك حول مدى التزام الصين بهذه التعهدات. ويعتبر الوصول إلى مصادر موثوقة من المعادن النادرة ذات أهمية بالغة للأمن القومي والتقدم التكنولوجي للعديد من الدول.
وتشير صحيفة ستادي تايمز، المقربة من الحكومة الصينية، إلى أن بكين كانت تسعى لتعزيز التعاون الدولي في مجال المعادن النادرة لعدة سنوات، حيث اقترحت هذه الفكرة في قمم دولية سابقة. وتهدف الصين إلى إيجاد توازن بين ضمان وصولها إلى الموارد المعدنية اللازمة لاقتصادها المتنامي، وتعزيز نفوذها في العالم.
وفي سياق منفصل، أظهرت دراسة حديثة أجراها معهد الأبحاث (اسم المعهد) أن الطلب العالمي على المعادن النادرة من المتوقع أن يرتفع بشكل كبير في السنوات القادمة، مدفوعًا بالنمو في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية. هذا الارتفاع في الطلب سيؤدي إلى زيادة المنافسة على هذه الموارد، مما يجعل التعاون الدولي أكثر أهمية.
من المتوقع أن تستمر المنافسة بين الصين والولايات المتحدة على السيطرة على سلسلة توريد المعادن النادرة في المستقبل المنظور. وستراقب الأسواق العالمية عن كثب تطورات هذه المبادرة الصينية، وتقييم تأثيرها على توافر هذه المعادن وأسعارها. ومن المهم متابعة التفاوضات الجارية بين الجانبين الصيني والأمريكي بشأن تراخيص التصدير، والتحقق من مدى التزام الصين بتوفير إمدادات مستقرة وموثوقة من المعادن النادرة.





