Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

السنغال.. الدّين الخفي يضع محامي سال بمواجهة صندوق النقد

دخل ملف الدين العام السنغالي مرحلة جديدة من الجدل السياسي والقانوني، بعدما أعلن فريق الدفاع عن الرئيس السابق ماكي سال أنه وجّه مذكرة إلى صندوق النقد الدولي يشكك في منهجية التدقيق التي كشفت عن وجود ما سُمّي بـ”دين خفي” يقدّر بـ7 مليارات دولار. هذا الجدل حول حجم الدين العام يأتي في وقت حرج تواجه فيه السنغال تحديات اقتصادية كبيرة، مما يزيد من الضغط على الحكومة الحالية لإيجاد حلول مستدامة.

فقد طالب مكتب المحاماة الفرنسي، الموكل بالقضية، المؤسسة المالية الدولية بالكشف عن الوثائق التي استندت إليها في تقريرها، متسائلا إن كان الصندوق قد اعتمد فقط على بيانات وفرتها السلطات الحالية في دكار أم أجرى تحقيقا مستقلا. وتهدف هذه المذكرة إلى التدقيق في الشفافية والدقة التي تم بها احتساب حجم الدين المستحق على السنغال، وهو موضوع بالغ الأهمية للاستقرار الاقتصادي للبلاد.

أزمة الدين العام السنغالي وتداعياتها الاقتصادية

يأتي الجدل حول الدين العام في وقت يواجه فيه الاقتصاد السنغالي أزمة حادة، تتجلى في ارتفاع معدلات العجز المالي وتدهور القدرة على سداد الديون. وقد أعادت محكمة المحاسبات تقييم العجز المالي، مؤكدة أن نسبة العجز في 2023 بلغت 12.3% من الناتج المحلي الإجمالي بدلا من 4.9% المعلنة رسميا، لترتفع إلى 14% في 2024.

هذا التعديل الكبير في الأرقام الرسمية يثير تساؤلات حول مدى دقة البيانات المالية التي كانت تقدمها الحكومة السابقة، وكيف أثر ذلك على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وبحسب تقارير وزارة الاقتصاد والمالية، يرجع هذا الفارق إلى إدراج ديون شركات مملوكة للدولة لم تكن مدرجة في الحسابات الرسمية بشكل كامل.

تأثير الديون على البنية التحتية والإنفاق الاجتماعي

وفقا للتقديرات الجديدة، تجاوز الدين العام 132% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعل السنغال من أكثر الدول مديونية في القارة. هذا الوضع يؤثر بشكل كبير على قدرة الحكومة على الاستثمار في البنية التحتية الضرورية للنمو الاقتصادي، مثل الطرق والموانئ والكهرباء.

بالإضافة إلى ذلك، يقلل من الميزانية المتاحة للإنفاق على الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل التعليم والصحة، مما قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. وتشير تحليلات الخبراء إلى أن ارتفاع مستوى الديون قد يجبر الحكومة على اتخاذ تدابير تقشفية، مثل زيادة الضرائب وخفض الإنفاق العام، مما قد يؤثر سلبا على مستوى معيشة المواطنين.

المفاوضات المتعثرة مع صندوق النقد الدولي

ويأتي الجدل حول الدين العام في وقت يواجه فيه الاقتصاد السنغالي أزمة حادة. فقد فشلت الحكومة في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي كان قد جمّد في مايو/أيار 2024 قرضا بقيمة 1.8 مليار دولار، وذلك بسبب الخلاف حول حجم العجز المالي وطريقة التعامل مع الديون.

ويرى البعض أن صندوق النقد الدولي يطلب شروطا قاسية للغاية، بينما يرى آخرون أن الحكومة السنغالية تحتاج إلى مزيد من الشفافية والمساءلة في إدارة ملف الديون. ويهدف القرض المجمد إلى دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه السنغال، والذي يهدف إلى تحسين إدارة المالية العامة وتعزيز النمو الاقتصادي.

وتشمل التحديات الاقتصادية الأخرى التي تواجه السنغال ارتفاع معدلات التضخم وتدهور قيمة الفرنك الأفريقي، مما يزيد من تكلفة الواردات ويؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين. كما أن تداعيات جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا قد ساهمت في تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

من الجدير بالذكر أن الحكومة السنغالية تعمل على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية، مثل الزراعة والصيد. وتسعى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز قطاع السياحة، الذي يعتبر من أهم مصادر العملة الصعبة.

في الختام، من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين الحكومة السنغالية وصندوق النقد الدولي في الأسابيع القادمة، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي. ويعتبر التوصل إلى هذا الاتفاق أمرا حاسما لضمان الاستقرار الاقتصادي للسنغال وتجنب المزيد من التدهور في الأوضاع المالية. يبقى من الضروري مراقبة تطورات هذا الملف عن كثب، وتقييم مدى تأثيرها على الاقتصاد السنغالي وعلى حياة المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى