Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

بلومبيرغ: روسيا تتجه إلى استغلال ثروات أفريقيا السمكية

أطلقت روسيا بعثة علمية بحرية إلى السواحل الأفريقية بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين، بهدف رسم خرائط لمخزونات الأسماك لدى حلفائها الأفارقة. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الخطوة تتجاوز مجرد التعاون العلمي، وتشكل جزءًا من جهود موسكو المتزايدة لتعزيز نفوذها البحري وتأمين مصادر جديدة للموارد في القارة، خاصةً في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها. وتُعد صناعة صيد الأسماك قطاعًا حيويًا للاقتصاد الروسي، وتسعى موسكو إلى توسيع نطاق عملياتها في مياه جديدة.

تأتي هذه المبادرة في وقت تزيد فيه روسيا من تقاربها مع الحكومات الأفريقية، مقدمةً عروضًا للتعاون العسكري، وتوريد الأسلحة، والحبوب، والأسمدة. وتهدف موسكو إلى تعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية كبديل للأسواق الغربية، وتأمين مصادر جديدة للدخل في ظل القيود الاقتصادية المفروضة عليها.

توسيع نطاق الصيد

يمثل قطاع الأسماك مليارات الدولارات من العملة الصعبة لروسيا، التي تعمل على تحديث أسطولها البحري والبحث عن مناطق صيد جديدة. وتُشكل أفريقيا، ببحارها التي تعاني من الصيد الجائر ونقص الرقابة، فرصة واعدة لروسيا لزيادة حصتها في هذا السوق.

وقال جوزيف سيغل، الباحث البارز في جامعة ميريلاند، والذي يدرس نفوذ روسيا في أفريقيا: “كما شهدنا مع الذهب والمعادن الأخرى، ترى روسيا فرصة لتوسيع نطاق صيدها في المناطق الاقتصادية الخالصة الأفريقية. إنها بالتأكيد تزيد من اهتمامها بأفريقيا.”

أهمية المخزونات السمكية الأفريقية

تُشكل مصايد الأسماك جزءًا كبيرًا من اقتصادات العديد من الدول الأفريقية، ما يجعل بيانات المخزون السمكي رصيدًا إستراتيجيًا بالغ الأهمية. ومع ذلك، تفتقر العديد من الحكومات الأفريقية إلى الموارد اللازمة لإجراء عمليات بحث منتظمة لتقييم هذه المخزونات.

وفي الوقت نفسه، أصبحت غرب أفريقيا بؤرة عالمية للصيد غير القانوني، حيث تخسر ما يصل إلى 9.4 مليار دولار سنويًا بسبب الصيد غير المُبلغ عنه وغير المُنظّم، وفقًا لتقديرات تحالف الشفافية المالية.

وأكد الرئيس بوتين أن “أصدقاء” أفارقة طلبوا منه المساعدة، وأنه لبى طلبهم. وأضاف أن البعثة تهدف إلى ضمان الأمن الغذائي للقارة، وتستند إلى التبادلات العلمية التي كانت قائمة خلال الحقبة السوفيتية.

وتشير التقارير إلى أن البعثة تضم باحثين أفارقة محليين، وأنها تعتمد على التعاون مع معاهد البحوث الأفريقية. كما أن العديد من رؤساء المعاهد في أفريقيا تلقوا تدريبهم في الاتحاد السوفيتي، ما يعزز الروابط التاريخية بين روسيا والقارة.

العقوبات الغربية على روسيا وتأثيرها

في مايو الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على شركتين روسيتين لصيد الأسماك بتهمة التجسس والتخريب، وحرمتهما من الوصول إلى موانئ النرويج ومياهها ورخص الصيد. كما جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حظرًا سابقًا على واردات المأكولات البحرية الروسية.

وتُظهر بيانات الشحن وجود مئات القوارب قبالة سواحل غرب أفريقيا، العديد منها من الصين ودول أوروبية، والعديد منها مدعوم من حكوماتها. ويثير هذا التنافس الدولي مخاوف بشأن استدامة مصايد الأسماك الأفريقية.

ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى جعل إدارة أساطيله البعيدة أكثر شفافية من خلال ما يسمى “اتفاقيات شراكة مصايد الأسماك المستدامة”، والتي تتضمن مدفوعات سنوية، وتمويل أعمال المراقبة والبحوث، ومراقبة السفن. ومع ذلك، يرى المنتقدون أن هذه الاتفاقيات لا تراعي احتياجات مجتمعات الصيد المحلية.

وتُقدر تجارة المأكولات البحرية العالمية بأكثر من 160 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك بنسبة 80% بحلول منتصف القرن الحالي، مدفوعًا بالأسواق الناشئة وآسيا. وبفضل الطلب المتزايد، من المتوقع أن تصل صادرات روسيا من الأسماك إلى 6 مليارات دولار هذا العام، ما يُسهم في تعويض القيود المفروضة في الأسواق الغربية.

من المتوقع أن تستمر روسيا في تعزيز تعاونها مع الدول الأفريقية في مجال صيد الأسماك، وأن تزيد من استثماراتها في هذا القطاع. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الجهود سيعتمد على قدرة روسيا على بناء علاقات مستدامة مع المجتمعات المحلية، والالتزام بمعايير الصيد المستدام، ومعالجة المخاوف المتعلقة بالصيد غير القانوني. وستراقب الأسواق العالمية عن كثب تطورات هذه الشراكات، وتأثيرها على الموارد البحرية في أفريقيا والأمن الغذائي في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى