اشتباكات بجنوب كردفان وتوضيحات دولية بشأن مبادرات للسلام بالسودان

تصاعدت الاشتباكات في السودان، خاصة في ولاية جنوب كردفان، مع تطورات ميدانية لافتة تشمل مشاركة فصائل من قوات الدعم السريع، مما يعقد جهود الحل السياسي. وتتواصل المعارك بالتزامن مع الضغوط الدولية المتزايدة لإقرار هدنة إنسانية، بهدف تخفيف معاناة المدنيين المتضررين من الأزمة المستمرة. وتشهد البلاد حربًا منذ أبريل/نيسان 2023، تسببت في قتلى ونزوح واسع النطاق.
أفادت مصادر عسكرية للجزيرة بأن الجيش السوداني نجح في صد هجوم واسع شنته الحركة الشعبية المتحالفة مع الدعم السريع في بلدة كرتالا. ويهدف هذا الهجوم إلى إحداث تقدم للقوات المهاجمة، لكن الجيش تمكن من وقف تقدمهم، وفقًا للمصادر ذاتها. يشكل هذا التطور تحديًا جديدًا للجهود المبذولة نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة.
تطورات الأوضاع الميدانية في السودان
تتركز المعارك حاليًا في ولايات كردفان الثلاث، حيث تشهد مناطق شمال وغرب وجنوب الولاية اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أسابيع. وقد تسببت هذه الاشتباكات في مقتل الآلاف ونزوح ما يقارب 13 مليون شخص، مما يشكل أزمة إنسانية كبيرة تتطلب تدخلًا عاجلًا. يتفاقم الوضع الإنساني بسبب صعوبة الوصول إلى المحتاجين.
الضغط الدولي والجهود الدبلوماسية
تأتي هذه التطورات الميدانية في ظل جدل واسع حول وثيقة سلام جديدة مُتداولة حول السودان، يُقال إنها أمريكية. وقد نفى رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، تلقيه أي مقترح جديد من واشنطن، مؤكدًا أن ما يتم تداوله في الإعلام لا يعكس الواقع. وأشار إلى أن حكومته لم تتسلم أي تفاصيل رسمية حول هذه الوثيقة.
من جانبه، نفى المبعوث النرويجي للسودان، أندرياس كرافك، وجود وثيقتين أمريكيتين، موضحًا أن المقترح الوحيد المطروح حاليًا هو الهدنة الإنسانية التي اقترحتها “الرباعية الدولية”. أكد المسؤول النرويجي على أهمية التشاور المباشر مع الحكومة السودانية قبل أي مبادرة جديدة، وهو ما رحبت به الخرطوم.
موقف الحكومة السودانية من المفاوضات
تؤكد الحكومة السودانية أنها منفتحة على الحوار، لكنها تضع شرطًا أساسيًا لتهيئة الظروف لعودة النازحين، وهو انسحاب قوات الدعم السريع من المدن والمناطق المدنية. وتعتبر هذا الانسحاب ضروريًا لضمان سلامة المدنيين وحماية البنية التحتية. وتطالب الحكومة بوقف فوري للدعم الذي تتلقاه الدعم السريع من جهات خارجية.
تعرب الحكومة عن مخاوفها من أي مقترحات قد تتجاوز بنود اتفاق جدة أو تسمح للدعم السريع بالاحتفاظ بمناطق نفوذه. وتسعى إلى ضمان أن أي حل سياسي يراعي سيادة السودان ووحدته الإقليمية. ويشكل مستقبل الدعم السريع نقطة خلاف رئيسية في أي مفاوضات محتملة.
وبالتوازي مع هذه التطورات، تتواصل الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل للأزمة السودانية. فقد ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولة المفوضية الأوروبية لإدارة الأزمات تطورات الوضع في السودان، محذرًا من الانتهاكات في الفاشر ومخاطر تفاقم الانقسام الجغرافي. وقد جدد الجانبان دعوتهما إلى وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
يتطلب الوضع في السودان حلولًا شاملة ومستدامة تعالج الأسباب الجذرية للصراع وتضمن مشاركة جميع الأطراف السودانية في بناء مستقبل البلاد. ويشمل ذلك معالجة قضايا الحكم والاقتصاد والأمن، وإعادة بناء الثقة بين المكونات المختلفة في المجتمع السوداني. كما تحتاج البلاد إلى دعم دولي مكثف لمواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية المكثفة خلال الأسابيع القادمة، مع تركيز خاص على الضغط من أجل إقرار هدنة إنسانية شاملة تسمح بإيصال المساعدات إلى المحتاجين. ومع ذلك، لا يزال مستقبل هذه الجهود غير مؤكد، يتوقف على مدى استعداد الأطراف المتنازعة للالتزام بوقف إطلاق النار والانخراط في حوار جاد. يجب مراقبة ردود أفعال الأطراف السودانية على أي مبادرات جديدة، وتطورات الأوضاع الميدانية في الولايات المتأثرة بالصراع.





