الأونروا: الاحتلال حوّل مخيمات شمال الضفة إلى “مدن أشباح”

حذّرت الأمم المتحدة من تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية في شمال الضفة الغربية، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية التي أدت إلى نزوح جماعي وتدمير واسع النطاق. وقد أفرغت هذه العمليات مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس من سكانها، مما أثار مخاوف دولية بشأن مستقبل اللاجئين الفلسطينيين وحقوقهم.
وأكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن أكثر من 32 ألف فلسطيني قد نزحوا قسراً نتيجة للعمليات العسكرية المتواصلة منذ يناير/كانون الثاني الماضي. وتأتي هذه التطورات في ظل تصعيد إسرائيلي مستمر في الضفة الغربية، بالتوازي مع الحرب في قطاع غزة.
تدمير ممنهج للبنية التحتية في مخيمات الضفة الغربية
وصف مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية، رولاند فريدريك، الوضع في المخيمات الثلاث بأنها “مدن أشباح” بعد أن كانت تعج بالحياة. وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر هدم جديدة بشكل مستمر، بذريعة “الأغراض العسكرية”.
أوامر الهدم الأخيرة في جنين
تشمل أحدث الأوامر هدم 12 مبنى بالكامل و11 مبنى جزئياً في مخيم جنين، على أن يبدأ التنفيذ يوم الجمعة. وكان شهري مارس ويونيو الماضيين قد شهدا أوامر هدم جماعية طالت أكثر من 190 مبنى في نفس المخيم، بالإضافة إلى تفجير 20 مبنى في فبراير.
وتعتبر هذه الأوامر جزءاً من نمط متزايد من الهدم في الضفة الغربية، مما يثير تساؤلات حول الامتثال للقانون الدولي.
الوضع الإنساني المتدهور وتأثيره على السكان
أكدت الأونروا أن هذا “التدمير الممنهج” يتعارض مع القانون الدولي، ويؤدي إلى “تعزيز السيطرة بعيدة المدى لجيش الاحتلال على المخيمات”. ويؤدي النزوح القسري إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للسكان، الذين يواجهون صعوبات في الحصول على المأوى والغذاء والرعاية الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تدمير البنية التحتية يعيق جهود إعادة الإعمار والتنمية، ويؤثر سلباً على فرص معيشة السكان. وتشير التقارير إلى أن هناك نقصاً حاداً في الموارد المتاحة لتلبية احتياجات النازحين.
التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية
تأتي هذه التطورات في سياق تصعيد إسرائيلي مستمر في الضفة الغربية منذ أكثر من عامين، تخللته عمليات اقتحام واعتقال واغتيال. وقد أسفرت هذه الاعتداءات، بحسب بيانات فلسطينية رسمية، عن مقتل أكثر من 1083 فلسطينياً وإصابة ما يزيد على 11 ألفاً واعتقال أكثر من 20 ألفاً و500 شخص منذ اندلاع التصعيد.
ويرى مراقبون أن استمرار هذا التصعيد يهدد بزيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، ويعيق جهود السلام. كما أن استهداف المخيمات الفلسطينية يثير مخاوف بشأن حماية المدنيين.
تأثير الحرب في غزة على الضفة الغربية
يرتبط التصعيد في الضفة الغربية ارتباطاً وثيقاً بالحرب الجارية في قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. فقد أدى انشغال المجتمع الدولي بالحرب في غزة إلى تراجع الاهتمام بالوضع في الضفة الغربية، مما سمح لإسرائيل بتصعيد عملياتها العسكرية هناك.
ويشير بعض المحللين إلى أن إسرائيل تسعى إلى استغلال انشغال المجتمع الدولي لفرض حقائق جديدة على الأرض في الضفة الغربية، بما في ذلك توسيع المستوطنات وتغيير التركيبة الديموغرافية.
الآفاق المستقبلية والمخاوف المستمرة
من المتوقع أن تستمر الأونروا في تقديم المساعدة الإنسانية للنازحين في الضفة الغربية، ولكنها تواجه تحديات كبيرة في ظل نقص التمويل والقيود المفروضة على الوصول إلى المناطق المتضررة.
وستراقب الأمم المتحدة عن كثب تنفيذ أوامر الهدم الجديدة في مخيم جنين، وستسعى إلى الضغط على إسرائيل لوقف هذه الممارسات التي تعتبرها غير قانونية.
يبقى الوضع في الضفة الغربية هشاً وغير مستقر، ويتطلب جهوداً دولية مكثفة لوقف التصعيد وحماية المدنيين وتحقيق حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية. وستكون الأيام والأسابيع القادمة حاسمة في تحديد مسار الأوضاع، مع التركيز على ردود الفعل الدولية على أوامر الهدم المستمرة ومستقبل حقوق الإنسان في المنطقة.





