الصحة العالمية: التطعيم خفّض إصابات الحصبة عالميًا بنسبة 71%

أعلنت منظمة الصحة العالمية عن انخفاض ملحوظ في حالات الإصابة بـ الحصبة عالميًا، حيث تم تسجيل انخفاض بنسبة 71% منذ عام 2000. يعزى هذا التقدم الكبير إلى جهود التطعيم المكثفة التي ساهمت في إنقاذ عشرات الملايين من الأرواح. هذا الإنجاز يمثل خطوة هامة نحو القضاء على هذا المرض المعدي الذي لطالما شكل تهديدًا للصحة العامة، خاصةً للأطفال.
وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فقد تم منع حوالي 59 مليون حالة وفاة مرتبطة بالحصبة على مستوى العالم خلال الفترة من عام 2000 وحتى الآن. كما انخفضت الوفيات الناجمة عن الحصبة بنسبة 88%، لتصل إلى 95 ألف حالة وفاة في عام 2024، وهو أدنى مستوى سنوي منذ بداية الألفية الجديدة. هذه الأرقام تعكس فعالية برامج التطعيم في الحد من انتشار المرض وتقليل آثاره المدمرة.
تراجع وفيات الحصبة عالميًا: إنجاز تاريخي
على الرغم من التقدم الملحوظ، يشير التقرير إلى ارتفاع طفيف في حالات الإصابة المقدرة بالحصبة في عام 2024 بنسبة 8% مقارنة بمستويات عام 2019، أي قبل جائحة كوفيد-19. ومع ذلك، انخفضت الوفيات بنسبة 11% خلال نفس الفترة، مما يدل على تحسن في جودة الرعاية الصحية وزيادة فعالية التطعيم في منع الحالات الشديدة والمميتة. هذا التحول يعكس أيضًا تغيرًا في عبء المرض، حيث ينتقل من البلدان منخفضة الدخل إلى البلدان متوسطة الدخل.
تأثير التطعيم على الصحة العامة
لطالما كان التطعيم حجر الزاوية في مكافحة الحصبة. يُعد لقاح الحصبة آمنًا وفعالًا للغاية، حيث يوفر حماية طويلة الأمد ضد المرض. تغطية التطعيم العالية ضرورية لتحقيق مناعة القطيع، وهي الحالة التي يكون فيها غالبية السكان محصنين ضد المرض، مما يحمي أولئك الذين لا يستطيعون الحصول على اللقاح، مثل الرضع والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت برامج التطعيم في تعزيز الأنظمة الصحية وتقوية القدرات الوبائية في العديد من البلدان. هذه الجهود لا تفيد فقط في مكافحة الحصبة، بل أيضًا في الاستعداد والاستجابة للأمراض المعدية الأخرى. الاستثمار في التطعيم هو استثمار في الصحة العامة والأمن الصحي.
تحديات مستمرة في القضاء على الحصبة
على الرغم من التقدم الكبير، لا تزال هناك تحديات تواجه الجهود المبذولة للقضاء على الحصبة. تشمل هذه التحديات انخفاض تغطية التطعيم في بعض المناطق، بسبب عوامل مثل الصراعات المسلحة، والفقر، ونقص الوعي بأهمية التطعيم. كما أن انتشار المعلومات المضللة حول اللقاحات يمثل تهديدًا متزايدًا، حيث يؤدي إلى تردد بعض الأشخاص في تطعيم أطفالهم.
ومع ذلك، فإن التحديات اللوجستية المتعلقة بتوزيع اللقاحات والحفاظ عليها في سلاسل التبريد، خاصة في المناطق النائية، تشكل أيضًا عقبة كبيرة. يتطلب التغلب على هذه التحديات جهودًا متواصلة من الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني. التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية أمر ضروري لضمان وصول اللقاحات إلى جميع من يحتاجها.
تعتبر الحصبة مرضًا شديد العدوى يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ والوفاة. الأطفال الصغار والنساء الحوامل والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة هم الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفات الحصبة. لذلك، من الضروري ضمان حصول جميع الفئات السكانية المعرضة للخطر على اللقاح.
تعتبر المراقبة الوبائية الدقيقة للإبلاغ عن حالات الحصبة والتحقيق فيها أمرًا بالغ الأهمية لتحديد بؤر التفشي والاستجابة لها بسرعة. تساعد المراقبة الفعالة في تتبع انتشار المرض وتحديد الفئات السكانية الأكثر عرضة للخطر وتوجيه جهود التطعيم. كما أنها توفر بيانات قيمة لتقييم فعالية برامج التطعيم وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
بالإضافة إلى التطعيم، تلعب النظافة الجيدة دورًا مهمًا في منع انتشار الحصبة. غسل اليدين بانتظام وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس يمكن أن يساعد في تقليل خطر انتقال العدوى. كما أن عزل المرضى المصابين بالحصبة يمكن أن يساعد في منع انتشار المرض إلى الآخرين.
تخطط منظمة الصحة العالمية لمواصلة دعم البلدان في جهودها للقضاء على الحصبة من خلال توفير المساعدة الفنية والمالية وتعزيز التعاون الدولي. من المتوقع أن يتم تقييم التقدم المحرز في القضاء على الحصبة خلال الاجتماع القادم للجنة الاستشارية المعنية بـ الحصبة والحصبة الألمانية في عام 2025. ستحدد هذه المراجعة الخطوات التالية اللازمة لتحقيق الهدف النهائي المتمثل في عالم خالٍ من الحصبة. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب التزامًا مستمرًا من جميع الأطراف المعنية ومواجهة التحديات المتبقية بفعالية.





