فرضت السلطات الإيرانية حظراً مؤقتاً على الدخول إلى معظم مناطق الغابات في البلاد، وذلك في محاولة للسيطرة على سلسلة حرائق مستمرة، بما في ذلك حريق كبير في غابة هيركاني المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وتأتي هذه الإجراءات في ظل معاناة إيران من جفاف شديد وتصاعد المخاوف بشأن التدهور البيئي. تستمر الجهود لإخماد النيران، مع طلب المساعدة الخارجية.
بدأت الحرائق في الانتشار في شمال إيران في أوائل نوفمبر، وتحديداً في محافظة مازندران، ثم امتدت إلى محافظات مجاورة مثل غلستان وسمنان. وقد تسببت الرياح القوية وارتفاع درجات الحرارة في تعقيد عمليات الإطفاء، مما أدى إلى تجدد ألسنة اللهب في مناطق كانت قد خضعت للسيطرة الأولية.
أسباب حرائق غابات هيركاني وجهود الإطفاء
تشير التقارير الأولية إلى أن بعض الحرائق قد تكون نتيجة أفعال بشرية، حيث ذكرت وكالة تسنيم للأنباء أن حريقاً في منطقة إيليت الصخرية يُعتقد أنه أشعله صيادون. إلا أن الجفاف الشديد الذي تشهده إيران منذ فترة طويلة، والذي يعد الأسوأ منذ عقود، ساهم بشكل كبير في زيادة خطر الحرائق وانتشارها بسرعة.
وقد أعلنت السلطات عن سيطرتها على معظم الحرائق في مدن محافظة غلستان، لكن عمليات الإطفاء الكاملة لا تزال مستمرة. وفي محافظة سمنان، امتد الحريق إلى أجزاء من غابة هيركاني، مما استدعى تدخل فرق الإطفاء الإضافية.
التحديات التي تواجه عمليات الإطفاء
تواجه فرق الإطفاء تحديات كبيرة في الوصول إلى المناطق المتضررة، خاصة في التضاريس الوعرة والجبلية لغابات هيركاني. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص المعدات المتخصصة وصعوبة الحصول على المياه الكافية يعيقان جهودهم. وقد دفعت هذه الصعوبات إيران إلى طلب المساعدة الخارجية بشكل عاجل.
أعلنت إيران عن طلبها للمساعدة من دول أخرى في 22 نوفمبر، دون تحديد الدول التي تم التواصل معها أو نوع المساعدة المطلوبة. وتشمل الخيارات المحتملة إرسال طائرات إطفاء ومعدات متخصصة وفرق دعم فني.
الأهمية البيئية لغابات هيركاني
تعتبر غابات هيركاني، التي تم إدراجها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 2019، ذات أهمية بيئية استثنائية. تمتد هذه الغابات على طول بحر قزوين، وتضم مجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات النادرة والمتوطنة، بما في ذلك أنواع من الأشجار التي يعود تاريخها إلى 25 إلى 50 مليون سنة.
تتميز غابات هيركاني بتنوعها البيولوجي الغني، حيث تضم أكثر من 3200 نوع من النباتات. كما أنها موطن للعديد من الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض، مثل النمر الفارسي والدب البني. وتلعب هذه الغابات دوراً حيوياً في تنظيم المناخ والحفاظ على التربة والمياه.
تعتبر هذه الحرائق تهديداً خطيراً لهذا التنوع البيولوجي الفريد، وقد تؤدي إلى خسائر فادحة في الغطاء النباتي والحياة البرية. كما أنها تثير مخاوف بشأن تأثيرها على المجتمعات المحلية التي تعتمد على الغابات في معيشتها.
تتسبب هذه الحرائق في تدهور بيئي كبير، مما يؤثر على جودة الهواء والمياه، ويزيد من خطر الفيضانات والانهيارات الأرضية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تساهم في تفاقم أزمة التغير المناخي، حيث تطلق الغابات المحترقة كميات كبيرة من غازات الدفيئة.
لم تصدر السلطات الإيرانية حتى الآن تقييماً شاملاً لحجم الأضرار التي خلفتها الحرائق أو المساحة الإجمالية التي احترقت. ومع ذلك، تشير التقديرات الأولية إلى أن الأضرار قد تكون كبيرة، خاصة في المناطق التي استمرت فيها الحرائق لفترة طويلة.
من المتوقع أن تستمر الجهود لإخماد الحرائق بشكل كامل في الأيام والأسابيع القادمة، خاصة مع توقعات بهطول الأمطار في بعض المناطق. ومع ذلك، لا يزال هناك قلق بشأن احتمال تجدد الحرائق في حال استمرار الجفاف وارتفاع درجات الحرارة. وستراقب السلطات الوضع عن كثب وتقيّم الأضرار لتحديد الخطوات اللازمة لإعادة تأهيل الغابات المتضررة.
