التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس يوم الاثنين لمناقشة سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا، بينما تستمر الجهود الدبلوماسية بالتزامن مع المعارك الميدانية. يأتي هذا اللقاء في وقت تشهد فيه الأوضاع تدهوراً، مع استمرار القصف الروسي على عدة مدن أوكرانية، وتأكيد موسكو على عدم وجود نية لوقف العمليات العسكرية. تترافق هذه التطورات مع زيارة مرتقبة لمبعوث أمريكي إلى روسيا.
أكد زيلينسكي بعد المحادثات مع ماكرون أن التركيز كان على تحقيق سلام دائم في أوكرانيا، مشدداً على أهمية مشاركة جميع القادة في هذا المسعى. وشدد على أن بلاده تطالب بضمانات أمنية قوية تحمي سيادتها وتمنع أي عدوان مستقبلي من روسيا. في الوقت نفسه، أشار زيلينسكي إلى أن المفاوضات مع الولايات المتحدة كانت “بناءة” لكنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة.
الضمانات الأمنية والجهود الدبلوماسية في صلب الأزمة الأوكرانية
صرّح الرئيس الفرنسي ماكرون بأن الضمانات الأمنية لأوكرانيا لا يمكن أن تُناقش بمعزل عن أوكرانيا وأوروبا، مؤكداً أن كييف وحدها هي التي لها الحق في تحديد مصير أراضيها. وأضاف أن روسيا لم تبد أي بادرة حقيقية نحو وقف العدوان، مما يعقد جهود السلام. هذه التصريحات الفرنسية تعكس دعماً قوياً للسيادة الأوكرانية.
وقد سبق زيارة زيلينسكي إلى باريس اجتماع بين مسؤولين أوكرانيين وأمريكيين في فلوريدا، وصفه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأنه “مثمر”. وأكد الإليزيه أن ماكرون ناقش الوضع في أوكرانيا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشدداً على الأهمية القصوى للضمانات الأمنية لأوكرانيا. تظهر هذه التنسيقات الأمريكية الفرنسية أهمية التوصل لحل سياسي للأزمة.
مباحثات أمريكية روسية مرتقبة
أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين سيلتقي المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف يوم الثلاثاء في موسكو. وتأمل روسيا في أن تساهم هذه المباحثات في إحراز تقدم نحو تسوية سلمية، مع التأكيد على أنها لن تجريها عبر وسائل الإعلام. تأتي هذه الزيارة بعد عرض وثيقة مقترحة على روسيا من قبل وفد أمريكي بقيادة ويتكوف وجاريد كوشنر.
في المقابل، أعرب مستشار رئيس أوكرانيا، أولكسندر بيفز، عن رفض بلاده لأي اتفاق يمنح روسيا شرعية على الأراضي الأوكرانية المحتلة. وأكد أن أوكرانيا تسعى إلى ترتيبات أمن جماعي تضمن عدم تكرار الحرب، وتقديم ضمانات ردع قوية على طول حدودها الشرقية. هذا الموقف الأوكراني يعكس تصميماً كبيراً على استعادة سيادتها الكاملة.
تطورات ميدانية وتصعيد في القصف
على الصعيد الميداني، أعلن رئيس الأركان الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، أن قواته قد سيطرت بشكل كامل على مدينتي بوكروفسك في منطقة دونيتسك وفولتشانسك في منطقة خاركيف. في الوقت نفسه، أفادت السلطات الأوكرانية بأن القوات الروسية قد شنت أكثر من 700 ضربة على مناطق مختلفة في مقاطعتي زابوروجيا وخيرسون خلال الساعات الماضية. هذا التصعيد في القصف يهدد حياة المدنيين ويزيد من حجم الدمار.
وأكدت السلطات الأوكرانية مقتل 4 أشخاص وإصابة 40 آخرين في هجوم صاروخي روسي على مدينة دنيبرو. وتشير التقارير إلى أن الهجوم قد تسبب في أضرار جسيمة للمباني التجارية والإدارية والمركبات. إن هذا الهجوم يؤكد على الاستهداف الروسي المتعمد للبنية التحتية المدنية.
في الوقت نفسه، أعلن الجيش الأوكراني أنه استهدف مواقع لإطلاق المسيّرات الروسية في شبه جزيرة القرم. تأتي هذه الهجمات في إطار جهود أوكرانيا لتقويض القدرات العسكرية الروسية وتقليل خطر الهجمات الجوية. الحرب في أوكرانيا لا تزال في منعطف حرج، مع استمرار القتال والمعارك الشرسة.
مع استمرار المفاوضات الدبلوماسية والتحركات الميدانية، يبقى مستقبل الحرب في أوكرانيا مجهولاً. من المتوقع أن تكشف المحادثات بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مدى استعداد موسكو للتوصل إلى تسوية. من الأهمية بمكان مراقبة ردود الفعل على هذه المباحثات، بالإضافة إلى التطورات على الجبهات القتالية، لتقييم فرص تحقيق السلام في المدى القريب. يتوقف الكثير على نية روسيا في إعطاء الأولوية للتسوية السياسية على الاستمرار في العمليات العسكرية. الوضع الإنساني في أوكرانيا، والضغوط الدولية على روسيا، والعلاقات بين القوى الكبرى، كلها عوامل ستلعب دوراً حاسماً في تحديد مسار الأزمة في أوكرانيا.
