الروبية الهندية تهبط إلى مستوى قياسي

شهدت الروبية الهندية انخفاضًا حادًا، لتصل إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي، حيث أدت حالة عدم اليقين المستمرة بشأن اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والهند إلى زيادة الضغط على العملة. يأتي هذا الانخفاض على الرغم من النمو الاقتصادي القوي الذي تشهده الهند، مما يشير إلى عوامل خارجية تلعب دورًا رئيسيًا في هذا التطور.
وقد باشر بنك الاحتياطي الهندي (RBI) بيع الدولار في محاولة لدعم قيمة الروبية، حيث وصل سعر صرفها إلى حوالي 89.70 روبية للدولار بعد انخفاضها إلى مستوى قياسي. تشير مصادر مطلعة إلى أن تدخل البنك المركزي كان متقطعًا، بهدف التخفيف من حدة الانخفاض وليس عكس مساره بشكل كامل.
تأثيرات انخفاض الروبية الهندية على الأسواق
أثر انخفاض قيمة الروبية بشكل ملحوظ على الأسهم والسندات الهندية. فقد تراجع مؤشر نيفتي 50، وهو مؤشر الأسهم الرئيسي في البلاد، عن المكاسب التي حققها في وقت سابق من اليوم. وارتفع أيضًا عائد سندات الخزانة الهندية لأجل 5 سنوات، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر سبتمبر الماضي.
ويرى محللون اقتصاديون أن تدخل بنك الاحتياطي الهندي يهدف بشكل أساسي إلى استقرار السوق وتجنب التقلبات المفرطة، وليس الدفاع عن مستوى سعر صرف معين. ومع ذلك، يشيرون إلى أن التحديات الأساسية التي تواجه الروبية، مثل العجز التجاري المتزايد وعدم اليقين بشأن المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، لا تزال قائمة.
النمو الاقتصادي مقابل المخاطر الخارجية
على الرغم من أن البيانات الاقتصادية الأخيرة أظهرت نموًا قويًا للاقتصاد الهندي، متجاوزًا التوقعات ليصل إلى أسرع وتيرة في ستة أرباع، إلا أن صندوق النقد الدولي خفض في الوقت نفسه توقعاته للنمو في السنة المالية القادمة. ويعزى هذا التخفيض إلى استمرار الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة، والتي تؤثر سلبًا على الصادرات الهندية.
وتعتبر الهند من بين أكبر الاقتصادات التي لم تنجح حتى الآن في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة. ويشير هذا التأخير إلى أن المفاوضات معقدة، وأن أي تقارب قد يستغرق وقتًا أطول من المتوقع. تلكؤ التفاوضات يحد من قدرة البنك المركزي على التدخل بقوة في سوق العملات.
توقعات مستقبلية لسعر صرف الروبية
يشير خبراء أسواق الصرف إلى أن بنك الاحتياطي الهندي قد يتبنى نهجًا أكثر تسامحًا مع انخفاض قيمة الروبية، خاصة في ظل صعوبة التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة. ويقول ديراج نيم، خبير إستراتيجيات العملات الأجنبية، إن البنك المركزي قد يفضل التركيز على احتواء التقلبات المفرطة بدلاً من محاولة عكس الاتجاه الحالي. علاوة على ذلك، فإن فجوة التضخم بين الهند و الدول المتقدمة تزيد من الضغط على العملة المحلية.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن الروبية الهندية قد تشهد انخفاضًا بنسبة 4.5٪ مقابل الدولار في عام 2025، مما يجعلها العملة الأقل أداءً في آسيا. ويعتبر هذا السيناريو المحتمل نتيجة لتضافر العوامل السلبية، بما في ذلك العجز التجاري والغموض بشأن السياسات التجارية الأمريكية.
مراجعة السياسة النقدية القادمة
من المتوقع أن يترقب المستثمرون والمتداولون مراجعة السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الهندي في الخامس من ديسمبر القادم. يهدف هذا الاجتماع إلى تقييم الوضع الاقتصادي الحالي وتقديم إرشادات حول مسار السياسة النقدية في المستقبل. ومن المتوقع أن يركز المحافظ سانجاي مالهوترا على تعقيدات سوق العملات الأجنبية و تأثيرها على الاقتصاد الهندي.
سيراقب السوق عن كثب لتقييم مدى استعداد البنك المركزي لتقبل المزيد من الضعف في الروبية. أي إشارة إلى تغيير في النهج أو تدخل أكثر قوة قد تؤدي إلى تحركات كبيرة في سعر الصرف. ومع ذلك، تظل التوقعات غير مؤكدة، حيث تعتمد بشكل كبير على التطورات في المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة والبيانات الاقتصادية القادمة.





