رئيس كولومبيا يطالب الولايات المتحدة باحترام سيادة بلاده

تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وكولومبيا، على خلفية اتهامات متبادلة بشأن مكافحة المخدرات، وتحديداً الكوكايين. وطلب الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو من الولايات المتحدة احترام سيادة بلاده، بعد تهديدات من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب باستهداف الدول المنتجة للكوكايين. هذه القضية المتعلقة بـ تهريب الكوكايين تثير تساؤلات حول مستقبل العلاقات الدبلوماسية والأمنية في المنطقة.
جاء رد فعل الرئيس بيترو بعد تصريحات ترامب التي ذكر فيها أن أي دولة تنتج الكوكايين وتبيعه للولايات المتحدة “معرضة للهجوم”. كما شن ترامب هجوماً لفظياً على كولومبيا، متهماً إياها بإنتاج الكوكايين وتقديمه للولايات المتحدة. حيث أشار ترامب إلى أن الجيش الأمريكي قد نفذ بالفعل عمليات قصف لمراكب يشتبه في حملها للكوكايين قبالة سواحل فنزويلا، مما أسفر عن خسائر في الأرواح.
طريق تهريب الكوكايين والتوترات الإقليمية
لا يقتصر الأمر على التوتر بين واشنطن وبوغوتا. اتهم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو فنزويلا بتسهيل تهريب الكوكايين المنتج في كولومبيا، والسماح بمرور هذه المواد عبر أراضيها إلى الولايات المتحدة. ووفقاً لروبيو، فإن نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يوفر أيضاً دعماً لوجود عناصر إيرانية وحزب الله في المنطقة، وهو ما يثير قلقاً أمنياً إضافياً.
وتتهم الإدارة الأمريكية كولومبيا بعدم اتخاذ إجراءات كافية لمكافحة تهريب المخدرات، وتحديداً الكوكايين. وقد اتخذت الولايات المتحدة بالفعل إجراءات عقابية ضد كولومبيا، مثل فرض عقوبات مالية على مسؤولين وأفراد مرتبطين بالمخدرات، وإلغاء التأشيرات، وإزالة كولومبيا من قائمة الدول الحليفة في مكافحة المخدرات.
ردود الفعل الكولومبية
في المقابل، يرى الرئيس بيترو أن هذه الإجراءات الأمريكية تمثل تدخلاً في الشؤون الداخلية لكولومبيا، ومحاولة للتأثير على الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2026. ويؤكد أن كولومبيا قد ساهمت بشكل كبير في الحد من إنتاج الكوكايين، وأن الدولة تتعاون مع الولايات المتحدة في جهود مكافحة المخدرات.
الأبعاد الجيوسياسية
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه منطقة أمريكا اللاتينية تحولات جيوسياسية كبيرة. وصعود الحكومات اليسارية في دول مثل كولومبيا وفنزويلا، وتزايد النفوذ الصيني في المنطقة، يثير قلقاً في واشنطن. ويعتبر البعض أن تصريحات ترامب جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تأكيد الهيمنة الأمريكية في المنطقة، ومواجهة التحديات التي تمثلها الحكومات اليسارية.
بغض النظر عن الدوافع السياسية، فإن تصعيد حدة الخطاب بين الولايات المتحدة وكولومبيا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشكلة تجارة المخدرات، وتعقيد جهود التعاون الدولي في هذا المجال. كما أن استمرار التوتر يمكن أن يؤثر سلباً على الاستقرار الإقليمي، ويفتح الباب أمام تدخلات خارجية أخرى.
يرجح أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من التفاعلات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تسعى كولومبيا إلى تخفيف حدة التوتر، وإقناع الولايات المتحدة باحترام سيادتها. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تواصل واشنطن الضغط على بوغوتا لزيادة جهودها في مكافحة تهريب الكوكايين. وتعتبر متابعة التطورات الجارية، والتحولات في السياسات الأمريكية تجاه المنطقة، أمراً بالغ الأهمية لفهم مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية.
ومع استمرار التحقيقات في عمليات تهريب المخدرات والصلات المحتملة بين فنزويلا والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، يبقى المشهد معقداً ويتطلب حذراً في التحليل و التقييم.





