محام لـ «عاجل»: تهديد الزوج لزوجته إيذاء نفسي مُجرّم ويعد سببًا لفسخ النكاح

أكد المحامي والمستشار القانوني فارس المالكي أن التهديد المتكرر من الزوج لزوجته يشكل إيذاءً نفسيًا مجرّماً بموجب النظام السعودي. جاء هذا التأكيد في تصريحات لـ “عاجل”، موضحاً أن هذا السلوك يندرج تحت تعريف الإيذاء الوارد في نظام الحماية من الإيذاء، والذي يشمل كل أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة النفسية. هذا التوضيح يثير اهتماماً قانونياً واجتماعياً متزايداً حول حماية المرأة من العنف الأسري.
وتأتي هذه التصريحات في ظل تزايد الوعي بقضايا العنف الأسري والحاجة إلى توفير حماية قانونية فعالة للزوجات. وفقاً للمحامي المالكي، فإن التهديد بقصد إحداث ضرر نفسي، سواء كان ذلك بالإذلال أو السيطرة أو الابتزاز، يعتبر فعلاً جرمياً يستوجب المساءلة القانونية. هذا الأمر يضع ضغوطاً على الجهات المعنية لتطبيق النظام بشكل صارم لحماية حقوق المرأة.
الإيذاء النفسي وأثره على استقرار الأسرة
يشير الإيذاء النفسي إلى مجموعة واسعة من السلوكيات التي تهدف إلى إلحاق الضرر العاطفي أو النفسي بالشخص الآخر. ويتضمن ذلك التهديد، والإهانة، والتخويف، والتحكم، والعزل الاجتماعي، وغيرها من الأفعال التي تقلل من قيمة الذات وتسبب الخوف والقلق. هذه الأفعال، على الرغم من أنها لا تترك آثاراً جسدية ظاهرة، يمكن أن تكون مدمرة للصحة النفسية والجسدية للضحية.
تعريف الإيذاء في النظام السعودي
عرّف نظام الحماية من الإيذاء، الصادر في عام 2018، الإيذاء بأنه “كل شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو التهديد بذلك”. ويشمل هذا التعريف الإيذاء النفسي الذي يمكن أن يحدث داخل الأسرة، خاصة بين الزوجين. يهدف النظام إلى توفير حماية شاملة للأفراد من جميع أشكال الإيذاء، وتعزيز آليات الإبلاغ والدعم.
شروط تجريم التهديد من الزوج لزوجته
أوضح المحامي المالكي أن مجرد التهديد لا يكفي لتجريمه، بل يجب أن يكون التهديد متكرراً ومقصوداً به إحداث ضرر نفسي للزوجة. يجب أن يكون هناك قصد جنائي واضح من وراء التهديد، وأن يكون الهدف منه هو إذلال الزوجة أو السيطرة عليها أو ابتزازها أو إجبارها على فعل شيء لا تريده. هذا الشرط يهدف إلى التمييز بين التهديدات العابرة والتهديدات الجدية التي تشكل خطراً على سلامة الزوجة النفسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تكرار التهديد يعزز فكرة وجود نمط سلوكي يهدف إلى إخضاع الزوجة وإلحاق الضرر بها. هذا التكرار يجعل التهديد أكثر خطورة ويستدعي تدخل الجهات المختصة لحماية الزوجة. العنف الأسري، بكل أشكاله، يمثل تهديداً للاستقرار الاجتماعي ويتطلب معالجة شاملة.
وفي سياق متصل، يمكن أن يكون الإيذاء النفسي سبباً مشروعاً لطلب الطلاق أو فسخ النكاح. إذا أثبتت الزوجة تعرضها لإيذاء نفسي مستمر من زوجها، يمكنها أن تطلب من المحكمة فسخ النكاح لحماية نفسها من المزيد من الضرر. هذا الحق يضمن للزوجة الخروج من علاقة سامة ومدمرة لصحتها النفسية.
قضايا الطلاق المتعلقة بالإيذاء النفسي تشهد تزايداً ملحوظاً في المملكة العربية السعودية، مما يعكس ارتفاع الوعي بأهمية الصحة النفسية وحقوق المرأة. تتعامل المحاكم مع هذه القضايا بحساسية، وتسعى إلى توفير الحماية اللازمة للزوجة وضمان حقوقها الكاملة.
من المهم الإشارة إلى أن نظام الحماية من الإيذاء يوفر آليات للإبلاغ عن حالات الإيذاء، سواء كانت جسدية أو نفسية أو جنسية. يمكن للضحايا الإبلاغ عن حالات الإيذاء إلى الشرطة أو إلى الجهات المختصة بتقديم الدعم والمساعدة. هذه الآليات تهدف إلى تشجيع الضحايا على الإبلاغ عن حالات الإيذاء، وتوفير الحماية اللازمة لهم.
الحماية القانونية للنساء في السعودية تشهد تطورات مستمرة، حيث تسعى الحكومة إلى تعزيز حقوق المرأة وتوفير بيئة آمنة ومستقرة لها. تتضمن هذه التطورات تعديلات على الأنظمة والقوانين المتعلقة بالمرأة، بالإضافة إلى إطلاق مبادرات وبرامج تهدف إلى دعم وتمكين المرأة في جميع المجالات.
في الختام، فإن تصريحات المحامي فارس المالكي تسلط الضوء على أهمية مكافحة الإيذاء النفسي داخل الأسرة، وتوفير الحماية القانونية اللازمة للزوجات. من المتوقع أن تشهد المحاكم السعودية المزيد من القضايا المتعلقة بالإيذاء النفسي في المستقبل، مما يتطلب تطوير آليات التعامل مع هذه القضايا وتوفير الدعم اللازم للضحايا. يجب متابعة التطورات في تطبيق نظام الحماية من الإيذاء، وتقييم فعاليته في حماية حقوق المرأة.