دراسة حديثة تكشف ارتباطاً واضحاً بين نقص فيتامين (د) وتدهور الحالة النفسية

أظهرت دراسة حديثة أجراها فريق بحثي في جامعة إيمانويل كانت الفيدرالية في روسيا وجود صلة قوية بين انخفاض مستويات فيتامين د وزيادة خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق. شملت الدراسة طلابًا جامعيين وكشفت عن اختلافات موسمية ملحوظة في مستويات الفيتامين وعلاقتها بالصحة العقلية. وقد أثارت هذه النتائج تساؤلات حول أهمية مراقبة مستويات فيتامين د، خاصة في المناطق ذات أشعة الشمس المحدودة.
أجريت الدراسة على 194 طالبًا وطالبة من مختلف السنوات الدراسية، حيث تم قياس مستويات فيتامين د في دمهم وتقييم حالتهم النفسية والعاطفية. ووفقًا للباحثين، فإن هذه الدراسة هي من بين أولى الأبحاث الإقليمية التي تركز على التغيرات الموسمية في العلاقة بين فيتامين د والصحة النفسية.
أهمية فيتامين د للصحة النفسية
كشفت نتائج الدراسة أن معدلات القلق والاكتئاب كانت أعلى بمرتين في فصل الربيع مقارنة بالخريف. تزامن هذا الارتفاع مع انخفاض ملحوظ في مستويات فيتامين د لدى الطلاب خلال فصل الربيع، حيث انخفضت بنسبة تصل إلى 1.9 مرة. يشير هذا الارتباط إلى أن نقص فيتامين د قد يلعب دورًا في تفاقم أعراض هذه الاضطرابات.
أظهر التحليل أيضًا أن 47.9% من الطلاب كانوا يعانون من نقص حاد في فيتامين د خلال الربيع، بينما كانت هذه النسبة 5% فقط في الخريف. هذه الفروق الموسمية تعزز فرضية تأثير العوامل البيئية، وخاصة التعرض لأشعة الشمس، على الصحة النفسية والعاطفية.
العوامل المساهمة في نقص فيتامين د
يعتبر نقص فيتامين د مشكلة صحية عامة، خاصة في المناطق التي لا تحظى بتعريض كافٍ لأشعة الشمس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي النظام الغذائي غير المتوازن ونمط الحياة الخالي من النشاط البدني إلى تفاقم هذه المشكلة.
وفقًا لسيدا غريغوريان، أخصائية الغدد الصماء في عيادة “ريميدي”، هناك فئات معينة من السكان أكثر عرضة لنقص فيتامين د. وتشمل هذه الفئات الأطفال والمراهقين، والنساء الحوامل، وكبار السن، بالإضافة إلى مرضى الجهاز الهضمي وأولئك الذين خضعوا لعمليات جراحية في الأمعاء، ومرضى الكبد المزمن، والمصابين بهشاشة العظام.
أكد أندريه تاراسوف، رئيس فريق البحث والأستاذ المساعد في المدرسة العليا للطب، على أهمية إجراء فحوصات دورية لمستويات فيتامين د وتعويضه عند الحاجة. وأضاف أن فيتامين د يلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على التوازن النفسي والعاطفي، وبالتالي فإن الوقاية من نقصه تعتبر ضرورية لصحة المجتمع.
تعتبر العلاقة بين فيتامين د والصحة النفسية معقدة، وتشير الأبحاث إلى أن الفيتامين قد يؤثر على وظائف الدماغ وإنتاج النواقل العصبية التي تلعب دورًا في تنظيم المزاج والعواطف. كما أن له خصائص مضادة للالتهابات قد تساعد في حماية الدماغ من التلف.
بالإضافة إلى الاكتئاب والقلق، تشير بعض الدراسات إلى أن نقص فيتامين د قد يكون مرتبطًا أيضًا باضطرابات نفسية أخرى مثل الفصام واضطراب ثنائي القطب. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه الارتباطات وتحديد الآليات البيولوجية التي تربط بين فيتامين د والصحة العقلية.
تأمل جامعة إيمانويل كانت أن تساهم نتائج هذا البحث في تطوير برامج شاملة تستهدف صحة الشباب وتعزيز الوعي بأهمية فيتامين د في الوقاية من الاضطرابات النفسية والمشكلات الجسدية.
في الوقت الحالي، تخطط الجامعة لإجراء دراسات إضافية لتحديد الجرعة المثالية من فيتامين د اللازمة لتحسين الصحة النفسية وتقليل خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية. كما سيتم استكشاف إمكانية استخدام فيتامين د كعلاج مساعد للاكتئاب والقلق. من المتوقع أن يتم نشر نتائج هذه الدراسات في غضون عامين.
من المهم مراقبة التطورات في هذا المجال، حيث أن فهم العلاقة بين فيتامين د والصحة النفسية قد يؤدي إلى تطوير استراتيجيات جديدة للوقاية من هذه الاضطرابات وعلاجها. وتشمل المجالات التي تحتاج إلى مزيد من البحث، تحديد العوامل الوراثية والبيئية التي تؤثر على امتصاص وتفعيل فيتامين د، بالإضافة إلى تقييم فعالية التدخلات الغذائية والتكميلية في تحسين الصحة العقلية.





