الأمم المتحدة تجدد ولاية الأونروا لثلاث سنوات

جددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات، في قرار حاسم يضمن استمرار الخدمات الحيوية لملايين اللاجئين. يأتي هذا التجديد في وقت تواجه فيه الأونروا تحديات مالية وإنسانية غير مسبوقة، خاصة في ظل الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة والضفة الغربية. القرار يؤكد على التزام المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية واستمرار دعمه لحقوق اللاجئين.
صوتت 151 دولة لصالح قرار التجديد، بينما امتنعت 8 دول، وعارضته 10 دول أخرى. أعرب المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، عن ترحيبه بالنتيجة، مشيراً إلى أنها تعكس تضامناً واسعاً مع اللاجئين الفلسطينيين وتقرّ بالمسؤولية الدولية تجاههم إلى حين تحقيق حل عادل وشامل. هذا الدعم السياسي، وفقاً للازاريني، يجب أن يترجم إلى التزام مالي حقيقي لضمان استمرار عمل الوكالة.
الأونروا في مواجهة التهديدات الوجودية
يأتي تجديد ولاية الأونروا في ظل تصاعد الضغوط السياسية والمالية التي تواجهها الوكالة. تصاعدت هذه الضغوط بشكل خاص بعد اتهامات إسرائيلية لموظفين في الأونروا بالتورط في هجمات السابع من أكتوبر، مما أدى إلى تعليق التمويل من قبل عدة دول مانحة رئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة. هذه الإجراءات وضعت الوكالة على شفا أزمة مالية خانقة تهدد قدرتها على تقديم خدماتها الأساسية.
يرى مراقبون أن تجديد الولاية يمثل رسالة واضحة لإسرائيل، تؤكد على الدور الهام الذي تلعبه الأونروا في حياة اللاجئين الفلسطينيين. الأونروا ليست مجرد وكالة إغاثية، بل هي مؤسسة دولية تحظى بمكانة خاصة في القانون الدولي، وهي ضرورية للحفاظ على الاستقرار الإنساني في المنطقة. الوضع المالي للوكالة يشكل تحدياً كبيراً يجب معالجته بشكل عاجل.
تاريخ وأهداف الوكالة
تأسست الأونروا في عام 1949 بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف تقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا خلال حرب عام 1948. بدأت الوكالة عملياتها الفعلية في الأول من مايو 1950، ومنذ ذلك الحين، لعبت دورًا حاسمًا في تحسين الظروف المعيشية للاجئين في مناطق عملها.
تشمل مناطق عمل الأونروا الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة. تقدم الوكالة مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والإغاثة الاجتماعية وحماية الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، تشرف الأونروا على البنية التحتية في مخيمات اللاجئين وتقدم برامج التمويل الصغير لمساعدة اللاجئين على إعالة أنفسهم. الاحتياجات الإنسانية في هذه المناطق تزداد تعقيداً.
التمويل والتحديات المستقبلية
تعتمد الأونروا بشكل كامل على التبرعات الطوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمؤسسات الخاصة. في السنوات الأخيرة، واجهت الوكالة صعوبات متزايدة في جمع التمويل اللازم لتغطية نفقاتها. يعتبر اللاجئون الفلسطينيون من أكثر الفئات ضعفاً في العالم.
بالإضافة إلى التحديات المالية، تواجه الأونروا تحديات أخرى، مثل القيود الإسرائيلية على حركة الموظفين والسلع في قطاع غزة والضفة الغربية. هذه القيود تعيق قدرة الوكالة على تقديم خدماتها بشكل فعال وتؤثر على حياة اللاجئين. كما أن استمرار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يزيد من الاحتياجات الإنسانية ويجعل من الصعب على الأونروا تحقيق أهدافها.
ينظر المجتمع الدولي إلى مستقبل الأونروا بحذر، خاصة في ظل استمرار الأزمة السياسية والمالية. من المتوقع أن تستمر الوكالة في البحث عن مصادر تمويل جديدة والعمل على تحسين كفاءة عملياتها. في الوقت نفسه، يشكل تحقيق حل سياسي عادل وشامل للقضية الفلسطينية الطريق الوحيد لإنهاء وضع اللاجئين وتحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة. سيراقب المراقبون عن كثب مدى استجابة الدول المانحة لنداءات الأمم المتحدة لزيادة الدعم المالي للأونروا في الأشهر المقبلة.




