Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

أرشفة غزة في الحاضر: توثيق مشهد وهو يختفي

أصدرت دار “الساقي” كتابًا جديدًا بعنوان “أرشفة غزة في الحاضر”، وهو عمل بحثي جماعي يوثق الحياة الثقافية والفنية في قطاع غزة قبل وأثناء الحرب الأخيرة. يهدف الكتاب، الذي أشرفت على تحريره الأكاديميتان دينا مطر وفينشيا بورتر، إلى حفظ ذاكرة غزة ومقاومة محو هويتها في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها، وتسليط الضوء على الإبداع والابتكار الذي استمر رغم الحصار والصراعات. هذا العمل يمثل جهودًا لتوثيق أرشفة غزة في فترة حرجة من تاريخها.

يأتي هذا الكتاب في وقت تشهد فيه غزة دمارًا هائلاً، ويقدم رؤية شاملة للمجتمع الغزي الذي كان ينتج المعرفة والفنون قبل اندلاع الحرب. يضم الكتاب مساهمات من كتاب وفنانين وناشطين، بالإضافة إلى مواد بصرية ووثائقية تظهر الجوانب المختلفة للحياة في غزة، والتي غالبًا ما يتم تجاهلها في التغطيات الإخبارية التقليدية. ويسعى العمل إلى تقديم صورة أكثر دقة وتعقيدًا للواقع في غزة.

أهمية أرشفة غزة في ظل الحرب

ترى دينا مطر، أستاذة الإعلام والاتصال السياسي في جامعة سواس، أن الدافع وراء هذا الكتاب هو “فهم حجم التدمير الذي حدث في غزة، وأرشفة المحو المنهجي المستمر للتراث الفلسطيني وتوثيقه خلال حرب الإبادة الأخيرة”. وتضيف أن هذا التوثيق ليس مجرد تسجيل للأحداث، بل هو مقاومة لمحاولة طمس الهوية الفلسطينية.

وتشير فينشيا بورتر، وهي خبيرة في الفن الإسلامي والمعاصر، إلى أن الكتاب يمثل جهدًا جماعيًا لجمع شهادات مكتوبة ومرئية تظهر الحياة الثقافية والفنية الغنية في غزة قبل الحرب. وقد بدأ المشروع كمؤتمر في جامعة سواس، ثم تطور إلى كتاب يهدف إلى ملء الفراغات في فهم العالم للواقع في غزة.

محتويات الكتاب وتنوعها

يتألف الكتاب من ستة أجزاء رئيسية تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك صناعة الفن في غزة، وعلم الآثار والتراث، والمتاحف والمراكز الثقافية، والذاكرة والتراث غير المادي، والقانون والتراث، والتطلع إلى المستقبل. تتضمن المساهمات شهادات من فنانين بارزين مثل فيرا تماري، وأبحاثًا تاريخية من المؤرخ سلمان أبو ستة.

كما يسلط الكتاب الضوء على مبادرات مجتمعية مثل “متحف السحاب”، وهو مشروع فريد من نوعه بدأه مجموعة من الفنانين والناشطين في غزة كطريقة للحفاظ على التراث الثقافي في ظل الظروف الصعبة. يعمل المتحف كمنصة افتراضية لعرض الأعمال الفنية والوثائق التاريخية التي تروي قصة غزة.

التحديات التي تواجه أرشفة غزة

يشير الكتاب إلى أن الحرب الحالية تمثل تحديًا كبيرًا لجهود أرشفة غزة، حيث دمرت العديد من المواقع الأثرية والتراثية بشكل كامل. وتشير بورتر إلى أن هذا التدمير ليس مجرد نتيجة عرضية للحرب، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى محو الهوية الفلسطينية.

إضافةً إلى ذلك، يواجه الباحثون والناشطون صعوبات في الوصول إلى غزة وجمع المعلومات بسبب الحصار المستمر والقيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع. هذا يجعل عملية التوثيق أكثر تعقيدًا وتحديًا.

أهمية التوثيق البصري والشهادات الشخصية

يولي الكتاب أهمية خاصة للتوثيق البصري والشهادات الشخصية، حيث يعتبرها أدوات قوية لمقاومة محو الذاكرة. تتضمن صفحات الكتاب صورًا ومقاطع فيديو توثق الحياة في غزة قبل الحرب، بالإضافة إلى شهادات من السكان المحليين الذين يروون قصصهم وتجاربهم.

وتشير مطر إلى أن هذه الشهادات والوثائق تساعد على فهم الأبعاد الإنسانية للصراع في غزة، وتذكر العالم بأن هناك أناسًا يعيشون هناك ولديهم أحلام وآمال وطموحات. كما أنها تساعد على الحفاظ على الذاكرة الجماعية للمجتمع الغزي.

مستقبل أرشفة غزة والجهود المستمرة

على الرغم من التحديات الكبيرة، يظل مستقبل أرشفة غزة أمرًا حيويًا. تؤكد مطر وبورتر أن هذا الكتاب هو مجرد بداية لجهود أوسع تهدف إلى توثيق وحماية التراث الثقافي الفلسطيني. ويتوقعان أن يلهم هذا العمل باحثين وناشطين آخرين للانخراط في هذه المهمة الهامة.

من المتوقع أن تستمر الجهود لجمع وتوثيق الشهادات والوثائق التاريخية، بالإضافة إلى العمل على إعادة بناء المواقع الأثرية والتراثية التي دمرت خلال الحرب. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، ولا تزال هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها. وسيبقى الوضع في غزة محور اهتمام الباحثين والناشطين الذين يسعون إلى الحفاظ على ذاكرة هذا المكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى