فنزويلا تجند آلاف المقاتلين وسط توتر متصاعد مع أميركا

انضم آلاف المجندين الجدد إلى الجيش الفنزويلي في خطوة تأتي وسط تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، وذلك استجابة لدعوات الرئيس نيكولاس مادورو لتعزيز القدرات العسكرية و”توحيد الصفوف” لمواجهة ما يصفه بالتدخل الإمبريالي. وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة قوة التجنيد العسكري في البلاد، وتعكس استعداد فنزويلا لمواجهة أي تهديدات خارجية محتملة، بحسب مسؤولين.
أسباب زيادة التجنيد العسكري الفنزويلي
وقعت مراسم تجنيد بحضور مسؤولين كبار في الجيش الفنزويلي، حيث انضم حوالي 5600 مجند جديد إلى القوات المسلحة. وأكد الجنرال خافيير خوسيه ماركانو تاباتا، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية، تسجيل ارتفاع ملحوظ في أعداد المتطوعين للانضمام إلى الجيش. يعكس هذا الاهتمام المتزايد بالإلتحاق بالجيش حالة من القلق الشعبي بشأن الأوضاع الأمنية والسياسية الحالية في البلاد.
وصرح قائد عسكري، غابرييل أليخاندرو ريندون فيلتشيس، بأن الشباب يتجهون بأعداد كبيرة للانضمام إلى القوات المسلحة الوطنية في مواجهة التهديدات التي تتربص بالوطن والشعب الفنزويلي. وتأتي هذه التصريحات في سياق اتهامات متبادلة بين فنزويلا والولايات المتحدة بشأن التدخل في الشؤون الداخلية لكل منهما.
الخلافات مع الولايات المتحدة وتأثيرها
منذ أغسطس الماضي، كثفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من وجودها العسكري في منطقة البحر الكاريبي وخاصة قبالة السواحل الفنزويلية، مبررةً ذلك بجهود مكافحة تهريب المخدرات. ورأت كاراكاس في هذه التحركات محاولة أمريكية لتغيير النظام السياسي في فنزويلا والسيطرة على احتياطياتها النفطية الهائلة. وتصاعدت حدة الخلافات بين البلدين بعد اتهامات أمريكية للرئيس مادورو بدعم جماعات تهريب المخدرات.
تُظهر بيانات رسمية أن القوات المسلحة الفنزويلية تضم حوالي 200 ألف جندي، ولكن مع التطورات الأخيرة، تسعى الحكومة الفنزويلية إلى زيادة هذا العدد لتعزيز قدراتها الدفاعية. يُذكر أن هناك تركيز على تطوير القدرات الدفاعية و تحديث المعدات العسكرية.
العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة
وقامت القوات الأمريكية بتدمير أكثر من 20 قاربًا يُشتبه في استخدامها لتهريب المخدرات في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادي منذ سبتمبر الماضي. وتسببت هذه العمليات في مقتل أكثر من 83 شخصًا، مما أثار انتقادات من جانب فنزويلا التي اتهمت واشنطن باستخدام القوة المفرطة وانتهاك السيادة الفنزويلية. كما أدت هذه الحوادث إلى زيادة التوتر في المنطقة و تعميق الأزمة السياسية بين البلدين.
تعتبر فنزويلا نفسها ضحية لحملة تشويه و محاولات لزعزعة استقرارها، و تتهم الولايات المتحدة بدعم معارضة داخلية تسعى للإطاحة بالحكومة. في المقابل، تصر الولايات المتحدة على أن هدفها هو مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة و حماية مصالحها في المنطقة. و تعتبر قضية الأمن الإقليمي مهمة للجميع.
يرى بعض المحللين أن زيادة التجنيد العسكري في فنزويلا هي رسالة تحذيرية للولايات المتحدة، و تأكيد على أن فنزويلا لن تتسامح مع أي تدخل في شؤونها الداخلية. ويعتقدون أيضًا أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز النظام السياسي الحالي و مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها البلاد. يستند هذا التحليل إلى الخطابات الرسمية و الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الفنزويلية.
إضافة إلى ذلك، يرى مراقبون أن الوضع الاقتصادي الصعب في فنزويلا قد يدفع بعض الشباب إلى الانضمام إلى الجيش بحثًا عن فرص عمل و دخل ثابت. وبالتالي، فإن التجنيد العسكري يمكن أن يعتبر وسيلة للتخفيف من حدة البطالة و الفقر في البلاد، مع الأخذ في الاعتبار الظروف المعيشية الصعبة لبعض الفنزويليين. و تعاني فنزويلا من تحديات اقتصادية كبيرة تحتاج إلى حلول جذرية.
ومن المرجح أن تستمر التوترات بين فنزويلا والولايات المتحدة في المستقبل المنظور، خاصة مع استمرار الخلافات حول قضايا مثل النفط و الديمقراطية و مكافحة المخدرات. وسيراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات الجارية في المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحتملة لتصعيد الأزمة و تأثيرها على الاستقرار الإقليمي و العالمي. سيتم التركيز على أي مبادرات دبلوماسية تهدف إلى حل الخلافات بالطرق السلمية.




