Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

كيف تساهم المسيرات في بناء مخطط رقمي لإعمار حمص السورية؟

في ظل التحديات الجمة التي تواجهها المدن السورية المتضررة، تعود مدينة حمص إلى دائرة الضوء بفضل جهود مبتكرة لاستخدام التكنولوجيا في عملية إعادة إعمار حمص. هذه المساعي تأتي في وقت يفتقر فيه التقييم الدقيق للأضرار إلى بيانات موثوقة، خاصةً مع تراكم الأنقاض وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق. وتسعى محافظة حمص إلى تبني أدوات رقمية تساهم في رسم صورة واضحة للمستقبل العمراني للمدينة.

تستند هذه الجهود إلى استخدام الطائرات المسيرة وتقنيات التصوير الفوتوغرافي المتقدمة لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد دقيقة تعكس الواقع الحالي للأحياء المنكوبة. هذا التحول الرقمي يهدف إلى توفير بيانات أساسية لعمليات التخطيط وإعادة البناء، ويأتي في أعقاب سنوات من الصراع أدت إلى دمار واسع النطاق في المدينة. ويهدف المشروع إلى توثيق الأضرار بشكل شامل، مما يسهل عملية تخصيص الموارد وتحديد الأولويات.

حلول تقنية لإعادة إعمار حمص

تعتمد محافظة حمص على تقنية التصوير الفوتوغرافي القياسي، حيث تقوم الطائرات المسيرة بالتقاط مئات، بل آلاف، الصور عالية الدقة من زوايا مختلفة. يتم بعد ذلك دمج هذه الصور باستخدام برامج متخصصة لإنشاء نموذج رقمي مفصل يعكس حجم الأنقاض، وارتفاع المباني المتضررة، والحالة العامة للبنية التحتية. هذه النماذج تتيح رؤية شاملة للمدينة، وتساعد في فهم التحديات التي تواجه عملية إعادة الإعمار.

وتُظهر النماذج الأولية التي حصلت عليها الجزيرة تفاصيل دقيقة لحمص القديمة، حيث تم تحليل أوضاع أكثر من 2243 مبنى. هذه التحليلات توفر معلومات قيمة حول مدى الضرر الذي لحق بكل مبنى، وتساعد في تحديد المباني التي تحتاج إلى ترميم أو إعادة بناء كامل. بالإضافة إلى ذلك، قدمت النماذج بيانات دقيقة حول حجم الأنقاض، مما يسهل عملية التخلص منها وإعادة استخدام المواد القابلة لإعادة التدوير.

تحديات جمع البيانات وتقييم الأضرار

إحصائيات مجلس مدينة حمص تشير إلى أن حوالي 16 حياً قد تعرضت لأضرار جسيمة، بينما تم تدمير ما يقرب من 38 ألف وحدة سكنية بشكل كامل أو جزئي. ومع ذلك، تشير التقديرات الأولية إلى أن وزن الأنقاض يتجاوز مليوني طن، وهو رقم قد يكون أقل من الواقع نظراً لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق وتراكم الأنقاض بشكل مستمر مع بدء السكان في إصلاح منازلهم. ويتضح أن فهم حجم الدمار هو الخطوة الأولى نحو التخطيط الفعال لعملية إعادة الإعمار.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه فريق المسح تحديات تتعلق بتراكم الأنقاض داخل العقارات، حيث يجد السكان صعوبة في التخلص من مخلفات البناء الداخلية. هذا الأمر يتطلب جهوداً إضافية لتقييم حجم الأنقاض بشكل دقيق، وتوفير آليات فعالة للتخلص منها. ويزيد هذا التعقيد من أهمية استخدام التكنولوجيا في عملية جمع البيانات وتحليلها.

شهادات السكان تؤكد هذه التحديات، حيث يصفون صعوبة إعادة البناء حتى بعد فتح الطرق الرئيسية، بسبب تراكم الأنقاض داخل العقارات. هذا الواقع يبرز الحاجة إلى حلول مبتكرة للتخلص من الأنقاض، وتوفير الدعم اللازم للسكان لبدء عملية إعادة التأهيل.

يُضاف إلى ذلك، أن مشروع إعادة إعمار حمص يتداخل مع الجوانب الاجتماعية والثقافية للمدينة، حيث يسعى إلى الحفاظ على الذاكرة الجماعية للمكان. النماذج الرقمية لا توثق الأضرار المادية فحسب، بل تساعد أيضاً في استعادة صور المدينة في أذهان السكان، وتعزيز شعورهم بالانتماء.

وتشمل الجهود الأخرى المتعلقة بالبنية التحتية، تقييم شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء، وتحديد المناطق التي تحتاج إلى إصلاح أو استبدال. هذه التقييمات ضرورية لضمان توفير الخدمات الأساسية للسكان، وتحسين جودة حياتهم. كما يتم العمل على تطوير خطط لتنظيم حركة المرور، وتوفير مواقف للسيارات، وتحسين وسائل النقل العام.

تُستخدم هذه النماذج الرقمية الآن في عدة مجالات، بما في ذلك توثيق حجم الدمار، ومراجعة خرائط التنظيم العمراني، ووضع تصورات مستقبلية لإعادة الإعمار. هذا التكامل بين التكنولوجيا والتخطيط العمراني يهدف إلى ضمان أن تكون عملية إعادة الإعمار مستدامة وفعالة، وتراعي احتياجات السكان وتطلعاتهم. كما يُعتد بها كمرجع أساسي في عمليات التخطيط الحضري وتخصيص الأراضي. و تعتبر هذه العملية مثالاً على التخطيط الرقمي في سياق ما بعد الصراع.

من المتوقع أن يستغرق العمل على إنجاز النماذج الرقمية الشاملة لحمص عدة أشهر أخرى، مع التركيز على المناطق الأكثر تضرراً. يجب متابعة تطورات جمع البيانات وتحليلها، بالإضافة إلى التحديات اللوجستية التي قد تعيق عملية إعادة الإعمار. ويتوقف نجاح هذا المسعى على التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، وتوفير التمويل الكافي لإنجاز المشاريع المخطط لها، مع مراعاة التطورات السياسية والاقتصادية في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى