بدأت منغوليا في تصدير اللحوم إلى الكويت في أكتوبر الماضي، في خطوة تعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين وتدعم جهود الأمن الغذائي الكويتي. يأتي ذلك في إطار شراكة استراتيجية متينة بين الكويت ومنغوليا، شهدت تطورات ملحوظة على مدى الخمسين عامًا الماضية، بما في ذلك استثمارات كويتية كبيرة في مشاريع تنموية منغولية.
أكد سفير منغوليا لدى الكويت، سيرغيلين بوريف شاداي، على عمق العلاقات الثنائية القائمة على الثقة والاحترام المتبادل. وأضاف أن الكويت كانت أول دولة خليجية تقيم علاقات دبلوماسية مع منغوليا عام 1975، مما فتح الباب أمام تعاون واسع النطاق في مختلف المجالات.
تعزيز الاستثمار والتعاون الاقتصادي بين الكويت ومنغوليا
يبلغ حجم الاستثمارات الكويتية في منغوليا حوالي 80 مليون دولار أمريكي، موزعة على خمسة مشاريع رئيسية في قطاعات حيوية مثل الطرق والنقل والطاقة والصحة. هذه الاستثمارات، التي يقدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، تعكس التزام الكويت بدعم التنمية المستدامة في منغوليا.
دور الصندوق الكويتي للتنمية
يُعد الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية شريكًا رئيسيًا لمنغوليا منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث ساهم في تمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى دعم القطاعات الصحية والنقل. وتقدر الحكومة والشعب المنغولي هذه المساهمات بشكل كبير.
بالإضافة إلى الاستثمارات، شهدت العلاقات التجارية بين البلدين تطورًا ملحوظًا. فقد بدأت منغوليا في تصدير اللحوم إلى الكويت في أكتوبر الماضي، مما يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن الغذائي في الكويت. كما تم توقيع اتفاقية خدمات جوية في يناير الماضي، تمهد لفتح خطوط طيران مباشرة بين البلدين، مما سيعزز الحركة التجارية والسياحية.
يرى خبراء اقتصاديون أن تعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين هو مفتاح توسيع نطاق التعاون الاقتصادي. وقد شهد عام 2023 تنظيم أول منتدى أعمال مشترك بين الكويت ومنغوليا، بمشاركة 30 شركة منغولية و20 شركة كويتية، أسفر عن توقيع العديد من مذكرات التفاهم.
تتمتع منغوليا بموارد طبيعية وفيرة، فهي أكبر منتج عالمي للكشمير الخام، وتمتلك احتياطيات كبيرة من النحاس والذهب والفحم والعناصر النادرة. هذه الموارد توفر فرصًا استثمارية واعدة للشركات الكويتية.
تطور العلاقات الثنائية في المجالات الثقافية والتعليمية
لا يقتصر التعاون بين الكويت ومنغوليا على الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، بل يمتد ليشمل المجالات الثقافية والتعليمية. تقدم جامعة الكويت منحتين سنويًا للطلاب المنغوليين لدراسة اللغة العربية، مما يساهم في تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين.
وتشهد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تطورًا مستمرًا، حيث قام سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد بـ 11 زيارة لمنغوليا، وكان لها دور كبير في تعزيز الثقة والتفاهم المتبادل. كما قام رؤساء منغوليا بزيارات مماثلة للكويت، بالإضافة إلى زيارات لوزراء الخارجية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء.
على الصعيد الدولي، تتشارك الكويت ومنغوليا في رؤى مشتركة بشأن العديد من القضايا العالمية والإقليمية، مما يتيح لهما تنسيق المواقف في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى، خاصة فيما يتعلق بقضايا السلام والأمن والتنمية المستدامة وتغير المناخ والمساعدات الإنسانية.
من المتوقع أن يستمر التعاون بين الكويت ومنغوليا في التطور خلال الفترة القادمة، مع التركيز على تعزيز الاستثمارات المتبادلة وتوسيع نطاق التبادل التجاري والثقافي. وستشكل المتابعة الدقيقة لتنفيذ اتفاقية الخدمات الجوية وتفعيل مذكرات التفاهم الموقعة خلال منتدى الأعمال خطوة مهمة في هذا الاتجاه. ومع ذلك، لا تزال التحديات اللوجستية والتنظيمية المحتملة تشكل عاملًا يجب مراقبته لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه الشراكة الواعدة.
