حكايات سودانيين هربوا من الرصاص ببلادهم ليواجهوا الجوع في تشاد

يواجه آلاف اللاجئين السودانيين في مخيم كارياري بشرق تشاد ظروفا إنسانية مأساوية، حيث يعانون من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية. وقد فرّ هؤلاء اللاجئون من العنف الدائر في السودان، ليجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة في تأمين المأوى والطعام والماء، مما يجعل حياتهم في المخيم معاناة مستمرة. هذا الوضع يلقي الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة وضرورة تقديم الدعم العاجل لهؤلاء الفارين من الحرب.
يقع مخيم كارياري في منطقة نائية من شرق تشاد، وقد اكتظ بأعداد متزايدة من اللاجئين السودانيين الذين وصلوا سيرا على الأقدام بعد رحلات طويلة وشاقة. الوضع الحالي يتطلب استجابة إنسانية سريعة وفعالة لتلبية احتياجاتهم المتزايدة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وتدهور الظروف المعيشية.
اللاجئون السودانيون: صراع يومي من أجل البقاء
اضطر العديد من اللاجئين إلى بناء مأوى مؤقت من أغصان الأشجار والعصي الجافة بسبب نقص الخيام والمواد اللازمة للإقامة. هذا المأوى البدائي لا يوفر حماية كافية من العوامل الجوية القاسية، مما يعرض اللاجئين، وخاصة الأطفال وكبار السن، لخطر الإصابة بالأمراض.
وتشكل المياه النظيفة تحديا كبيرا آخر، حيث يضطر اللاجئون إلى الوقوف في طوابير طويلة لساعات للحصول على كميات محدودة من المياه. هذا النقص يؤثر بشكل كبير على صحتهم وسلامتهم، ويزيد من خطر انتشار الأمراض المنقولة بالمياه.
تحديات الحصول على الغذاء
يعاني اللاجئون السودانيون من نقص حاد في الغذاء، حيث يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإنسانية التي لا تكفي لتلبية احتياجاتهم. الوضع الغذائي يتدهور باستمرار، مما يهدد حياة الأطفال ويضعف قدرة البالغين على العمل وتأمين سبل عيشهم.
وتصف اللاجئة فاطمة، وهي أم لثمانية أطفال، كيف اضطرت إلى استخدام قطع القماش المهترئة والعصي الجافة لبناء مأوى بسيط لعائلتها. وتقول إنها لم تتلق أي مساعدة حتى الآن، وأنها تعتمد على كرم الآخرين لتأمين بعض الطعام لأطفالها.
قصص الهروب من الحرب في السودان متشابهة، ولكن كل أسرة تحمل معها وجعا خاصا. العديد من اللاجئين يروون كيف تعرضوا للتهديد والابتزاز من قبل مسلحين أثناء رحلتهم إلى تشاد، وكيف فقدوا أحباءهم وأموالهم في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر.
الأزمة الإنسانية في السودان تتفاقم بسبب استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي اندلع في أبريل 2023. وقد أدى هذا الصراع إلى مقتل وجرح الآلاف، ونزوح الملايين من منازلهم، وتدمير البنية التحتية في البلاد. وتشير التقارير إلى أن الوضع الإنساني قد يزداد سوءا في الأشهر القادمة، خاصة مع اقتراب موسم الأمطار.
المنظمات الإنسانية تعمل على تقديم المساعدة للاجئين السودانيين في تشاد، ولكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب نقص التمويل وصعوبة الوصول إلى المناطق النائية. وتدعو هذه المنظمات إلى زيادة الدعم المالي والإنساني لمساعدة اللاجئين على تلبية احتياجاتهم الأساسية وحماية حقوقهم.
وتعتبر البطاقات التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي للاجئين بمثابة “بطاقة حياة” كما وصفتها اللاجئة زينب، حيث تمكنهم من شراء بعض المواد الغذائية من الأسواق المحلية. ومع ذلك، فإن هذه البطاقات لا تكفي لتغطية جميع احتياجاتهم، ولا تزال هناك حاجة ماسة إلى المزيد من المساعدات.
في الوقت الحالي، تتجه الجهود نحو زيادة المساعدات المقدمة للاجئين السودانيين في مخيم كارياري والمخيمات الأخرى في تشاد. ومن المتوقع أن تعقد الأمم المتحدة اجتماعا في الأسبوع القادم لمناقشة الوضع الإنساني في السودان وتحديد الاحتياجات العاجلة. يبقى الوضع غير مؤكد، ويتوقف على تطورات الأوضاع الأمنية في السودان وعلى استجابة المجتمع الدولي للأزمة.





