كولومبيا تعرض منح مادورو اللجوء في حال تنحيه عن السلطة

أعلنت كولومبيا استعدادها لتقديم حق اللجوء للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في حال تنحيه عن السلطة، وذلك في ظل تصاعد الضغوط الأمريكية على حكومته. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، وتصعيدًا عسكريًا أمريكيًا يثير المخاوف بشأن مستقبل فنزويلا واستقرار المنطقة. وتعتبر هذه الخطوة الكولومبية محاولة لاحتواء الأزمة المتفاقمة.
وقالت وزيرة الخارجية الكولومبية، روزا فيافيثينسيو، في تصريحات لإذاعة “كاراكول” يوم الخميس، إن بلادها لن ترفض استقبال مادورو إذا استلزم مغادرته السلطة الانتقال إلى بلد آخر أو طلب الحماية. وأكدت الوزيرة أن هذا السيناريو هو أحد الاحتمالات التي يتم دراستها لاحتواء التصعيد الإقليمي، مشددة على أن كولومبيا لا تسعى إلى فرض أي حل سياسي من جانب واحد.
تحركات عسكرية واسعة وتصاعد الأزمة في فنزويلا
تأتي هذه التصريحات في أعقاب تصعيد كبير في الضغوط الأمريكية على كاراكاس، حيث تتهم واشنطن مادورو بالضلوع في الاتجار بالمخدرات. وقد كثفت الولايات المتحدة من تحركاتها العسكرية في منطقة البحر الكاريبي، بما في ذلك عمليات جوية استهدفت قوارب يُزعم أنها متورطة في تهريب المخدرات.
وقد أعلنت الولايات المتحدة عن مصادرة ناقلة نفط فنزويلية قبالة السواحل هذا الأسبوع، في أول عملية من نوعها منذ عام 2019. ووصف الرئيس دونالد ترامب هذه العملية بأنها الأكبر حتى الآن في إطار جهود مكافحة تهريب المخدرات. وتشير التقارير إلى أن القوات الأمريكية استهدفت منذ سبتمبر/أيلول أكثر من 20 سفينة مشتبه بها، مما أسفر عن مقتل العشرات.
الخلافات حول الانتخابات الفنزويلية
في المقابل، يصر مادورو على أن واشنطن تسعى إلى الإطاحة به بهدف السيطرة على موارد النفط الفنزويلية. كما يرفض مادورو الاعتراف بشرعية التحقيقات الأمريكية، واصفًا إياها بأنها محاولة لتبرير التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده.
وكان الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو قد دعا، الأربعاء، إلى “عفو عام وتشكيل حكومة انتقالية في فنزويلا” كحل للأزمة. وعلى الرغم من أن كولومبيا لم تعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية الفنزويلية لعام 2024، والتي فاز فيها مادورو بولاية ثالثة وسط اتهامات بالتزوير، إلا أنها أبقت على العلاقات الدبلوماسية مع كاراكاس.
تعتبر قضية النفط الفنزويلي من العوامل الرئيسية التي تزيد من تعقيد الأزمة، حيث أن فنزويلا تمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم. وتسعى الولايات المتحدة إلى زيادة نفوذها في المنطقة، بينما تسعى فنزويلا إلى الحفاظ على سيادتها ومواردها الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك، يثير الوضع الإنساني في فنزويلا قلقًا بالغًا، حيث يعاني الملايين من الفنزويليين من نقص الغذاء والدواء والخدمات الأساسية. وقد أدى ذلك إلى موجة هجرة واسعة النطاق إلى دول الجوار، بما في ذلك كولومبيا.
مستقبل الأزمة الفنزويلية والجهود الدبلوماسية
تتجه الأنظار الآن نحو المفاوضات المحتملة بين الولايات المتحدة وحكومة مادورو، والتي قد تؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية أو التوصل إلى حل سياسي للأزمة. ومع ذلك، لا تزال العقبات كبيرة، ولا يوجد ضمان بأن هذه المفاوضات ستنجح.
من المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في ممارسة الضغوط على كاراكاس، بينما تسعى كولومبيا والدول الأخرى في المنطقة إلى لعب دور الوساطة. وسيكون من المهم مراقبة التطورات على الأرض، وخاصة التحركات العسكرية الأمريكية، لتقييم مدى خطورة الوضع.
في الختام، يظل مستقبل الأزمة في فنزويلا غير مؤكد، ويتطلب حلًا سياسيًا شاملاً يراعي مصالح جميع الأطراف المعنية. ومن المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة تطورات جديدة، بما في ذلك احتمال إجراء المزيد من المفاوضات أو تصعيدًا في التوترات الإقليمية.





