كيف يبدو توزيع الدخل والثروة في العالم؟

يستحوذ أغنى 10% من سكان العالم على ثلاثة أرباع الثروات الشخصية، وفقًا لتقرير عدم المساواة العالمي لعام 2026. ويكشف التقرير عن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، حيث يحصل أعلى 50% من أصحاب الدخول على أكثر من 90% من إجمالي الدخول، بينما يقتصر نصيب النصف الأفقر على أقل من 10%. هذا التوزيع غير المتكافئ للثروة يثير تساؤلات حول العدالة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي العالمي، ويؤكد على أهمية معالجة عدم المساواة المتزايد.
ويأتي إصدار هذا التقرير في وقت حرج يشهد فيه العالم تراجعًا في مستويات المعيشة للكثيرين، بالتزامن مع تركز الثروة والسلطة بشكل متزايد في أيدي النخبة. يشير التقرير إلى أن هذه الظاهرة ليست مجرد مسألة إحصائية، بل لها تداعيات عميقة على التنمية المستدامة والتماسك المجتمعي.
الثروة والدخل: نظرة عامة على التفاوت العالمي
لا يعكس مستوى الثروة دائمًا مستوى الدخل، فالأثرياء ليسوا بالضرورة الأعلى دخلًا، مما يبرز الفجوة المستمرة بين ما يكسبه الناس وما يمتلكونه. تشمل الثروة القيمة الإجمالية لأصول الشخص، كالمدخرات والاستثمارات والعقارات، بعد خصم ديونه. وقد شهدت ثروة المليارديرات وأصحاب الملايين نموًا مطردًا منذ تسعينيات القرن الماضي، بمعدل يقارب 8% سنويًا، وهو ما يتجاوز بكثير معدل نمو النصف الأفقر من سكان العالم.
وحسب التقرير، يسيطر أغنى 0.001% من سكان العالم (أقل من 60 ألف مليونير) الآن على ثروة تفوق ثروة نصف سكان العالم مجتمعين. على الرغم من تحقيق الفقراء مكاسب طفيفة، إلا أنها تتضاءل أمام التراكم السريع للثروة لدى الأغنياء، مما أدى إلى عالم تمتلك فيه أقلية ضئيلة قوة مالية هائلة، في حين لا يزال المليارات يكافحون للحفاظ على حالتهم الاقتصادية. هذا التفاوت في توزيع الثروة يمثل تحديًا كبيرًا للاقتصادات العالمية.
كيف يتم قياس الدخل؟
يُقاس الدخل باستخدام الأرباح قبل الضرائب بعد خصم مساهمات المعاشات التقاعدية والتأمين ضد البطالة. وفي عام 2025، استحوذ أغنى 10% من سكان العالم على 53% من الدخل العالمي، بينما حصل 40% من السكان على 38%، واقتصر نصيب أفقر 50% على 8% فقط. هذه الأرقام تؤكد على استمرار التفاوتات الكبيرة في الدخل على مستوى العالم.
توزيع الثروة والدخل إقليميًا
لا يزال مكان ميلاد الشخص أحد أقوى العوامل التي تحدد مقدار دخله والثروة التي يمكنه تكوينها. ففي عام 2025، بلغ متوسط ثروة سكان أمريكا الشمالية وأوقيانوسيا 338% من المتوسط العالمي، مما يجعلهما أغنى منطقتين على مستوى العالم، كما بلغت حصة الدخل 290% من المتوسط العالمي، وهي أعلى نسبة في العالم.
تلتهما أوروبا وشرق آسيا، اللتان بقيتا أعلى من المتوسط العالمي، في حين ظلت أجزاء واسعة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط أقل بكثير من المتوسط العالمي. هذا التفاوت الإقليمي يعكس الاختلافات الكبيرة في الفرص الاقتصادية والسياسات الاجتماعية بين المناطق المختلفة.
تسجل جنوب أفريقيا أعلى مستويات عدم المساواة في الدخل بالعالم، حيث يحصل أغنى 10% من السكان على 66% من إجمالي الدخل، بينما لا يحصل النصف الأفقر إلا على 6%. وتُظهر دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والمكسيك وتشيلي وكولومبيا اتجاهاً مشابهاً، حيث يحصل أغنى 10% على ما يقارب 60% من الأرباح.
في المقابل، تقدم الدول الأوروبية صورة أكثر توازناً، ففي السويد والنرويج يحصل النصف الأدنى من السكان على نحو 25% من إجمالي الدخل، في حين يحصل النصف الأعلى على أقل من 30%. ومع ذلك، لا تزال بعض الدول الأوروبية تعاني من تفاوتات كبيرة، حيث يسيطر أغنى 10% على حصة كبيرة من الثروة.
وحتى الدول الغنية كالولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا واليابان لا تزال تعاني من تفاوتات كبيرة، حيث يحصل أغنى 10% من السكان على أكثر من نصف إجمالي الدخل، في حين لا يحصل النصف الأفقر إلا على ما بين 1% و5% فقط. وتُظهر الاقتصادات الناشئة في آسيا -بما فيها الصين والهند وتايلاند- تفاوتات صارخة أيضًا، حيث يسيطر أغنى 10% على ما يقارب 65% إلى 68% من الثروة.
من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في السنوات القادمة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة. سيراقب الخبراء عن كثب التطورات في السياسات الضريبية والاجتماعية، بالإضافة إلى تأثير التكنولوجيا والأتمتة على سوق العمل، لتقييم مدى قدرة الحكومات على الحد من التفاوتات وتعزيز النمو الشامل. من المقرر نشر تقرير مماثل في ديسمبر 2026، والذي قد يقدم رؤى جديدة حول تطورات التفاوت الاقتصادي العالمي.




