آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو

شهدت مدن إسرائيلية عدة مظاهرات حاشدة ضد حكومة بنيامين نتنياهو، حيث طالب المتظاهرون بإجراء تحقيق رسمي وشامل في ملابسات “إخفاقات السابع من أكتوبر”، وهو الحدث الذي أثار جدلاً واسعاً وتساؤلات حول أداء الحكومة والأجهزة الأمنية. وتأتي هذه المظاهرات في ظل تزايد الضغوط الداخلية والخارجية على نتنياهو، بالإضافة إلى استمرار المحاكمات المتعلقة بتهم الفساد الموجهة إليه.
تجمّع المتظاهرون في القدس أمام مقر إقامة الرئيس إسحاق هرتسوغ، وفي تل أبيب وحيفا وبئر السبع، حيث عبر أهالي القتلى والأسرى الإسرائيليين عن غضبهم ومطالبتهم بمحاسبة المسؤولين عن هذه الإخفاقات. وتعتبر هذه المظاهرات تعبيراً عن حالة عدم الرضا الشعبي المتزايد تجاه الحكومة الحالية وسياساتها.
مطالبات بتشكيل لجنة تحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر
تصاعدت الدعوات لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في أعقاب هجوم “طوفان الأقصى” الذي أطلقته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023. ويطالب المعارضون بلجنة تحقيق رسمية تتمتع بصلاحيات واسعة للتحقيق في جميع جوانب القضية، بما في ذلك الاستعدادات الأمنية والاستجابة للهجوم. ويرون أن لجنة التحقيق ضرورية لاستخلاص الدروس والعبر من هذه الأحداث، وتجنب تكرارها في المستقبل.
وقبل أيام، وجه رونين بار، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، انتقادات حادة لرئيس الوزراء نتنياهو، ودعا صراحةً إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات السابع من أكتوبر. وأكد بار أن التحقيق الشامل ضروري لتحديد المسؤوليات وتصحيح الأخطاء.
وقال بار في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية: “من دون التحقيق في المنظومة كلها، نكون قد حكمنا على شعب إسرائيل كله بانتظار السابع من أكتوبر المقبل”. وهذا التصريح يعكس مدى القلق والتوتر السائدين في الأوساط الإسرائيلية بشأن مستقبل الأمن القومي.
رفض نتنياهو للدعوات
على الرغم من الضغوط المتزايدة، رفض نتنياهو حتى الآن الدعوات إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية. وقرر في 16 نوفمبر الماضي تشكيل لجنة مستقلة وغير رسمية، وهو ما أثار انتقادات واسعة من المعارضة التي اعتبرت ذلك محاولة للتهرب من المسؤولية وتأخير التحقيق. ويرى المعارضون أن اللجنة غير الرسمية تفتقر إلى الصلاحيات اللازمة لإجراء تحقيق شامل وفعال.
ويأتي رفض نتنياهو في ظل اتهامات بالفساد تحوم حوله، حيث يحاكم بتهم تتعلق بالرشوة والاحتيال وخيانة الثقة. وينفي نتنياهو هذه الاتهامات بشدة، ويصر على أنها ذات دوافع سياسية.
استطلاعات الرأي حول العفو الرئاسي
أظهر استطلاع حديث أجرته صحيفة جيروزالم بوست أن غالبية الإسرائيليين يعارضون منح نتنياهو عفواً رئاسياً. ويعتبر هؤلاء أن حكومة نتنياهو غارقة في الفساد، وأن منحه عفواً سيكون بمثابة مكافأة على الفساد والإفلات من العقاب.
وكشف الاستطلاع أن حوالي 50% من المشاركين يرفضون أي عفو رئاسي محتمل، بينما رأى 41% أنه ضروري لاستمرار نتنياهو في منصبه. وهذا يعكس الانقسام العميق في المجتمع الإسرائيلي حول قضية نتنياهو ومحاكماته.
في مطلع الشهر الجاري، تقدم نتنياهو بطلب رسمي إلى مكتب الرئيس الإسرائيلي للحصول على عفو رئاسي ينهي محاكمته المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات. ويأتي هذا الطلب في وقت حرج بالنسبة لنتنياهو، حيث يواجه ضغوطاً متزايدة للاستقالة من منصبه.
في سياق منفصل، تتواصل الجهود الدبلوماسية الدولية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس. وتشكل هذه القضية تحدياً كبيراً للحكومة الإسرائيلية، وتتطلب منها اتخاذ قرارات صعبة ومسؤولة.
من المتوقع أن يستمر الجدل السياسي حول إخفاقات السابع من أكتوبر، ومحاكمات نتنياهو، والوضع في غزة في الأيام والأسابيع القادمة. ويراقب المراقبون عن كثب التطورات السياسية والأمنية في إسرائيل، وما إذا كانت ستؤدي إلى تغييرات كبيرة في الحكومة أو السياسات الإسرائيلية.





