تصعيد غير مسبوق.. مروحية تتدخل لفض اشتباكات الشرطة والحريديم

اندلعت مواجهات عنيفة في القدس المحتلة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين من اليهود المتشددين (الحريديم)، مما أسفر عن إصابة عشرة من أفراد الشرطة واعتقال أربعة آخرين. وتأتي هذه التطورات على خلفية احتجاجات مستمرة ضد التجنيد الإلزامي في الجيش الإسرائيلي، وهو موضوع التجنيد الإلزامي يثير توترات سياسية واجتماعية متزايدة في إسرائيل.
وقع الحادث، وفقًا لما أفادت به وسائل الإعلام الإسرائيلية، نتيجة اعتقال شاب من الطائفة الحريدية كان يتهرب من الخدمة العسكرية. وقد استدعت الشرطة تعزيزات إضافية، بما في ذلك طائرة مروحية، للسيطرة على أعمال الشغب التي شهدتها المنطقة.
أسباب وتصاعد احتجاجات التجنيد الإلزامي
لطالما عارضت الطائفة الحريدية، التي تشكل جزءًا كبيرًا من المجتمع الإسرائيلي، التجنيد الإلزامي في الجيش، بحجة أن دراستهم الدينية هي مساهمتهم الأساسية في الدولة. ومع ذلك، فإن هذا الإعفاء أثار جدلاً واسعًا، حيث يرى البعض أنه غير عادل ويضع عبئًا أكبر على بقية المجتمع.
قرار المحكمة العليا وتداعياته
تعود جذور الأزمة الحالية إلى قرار صادر عن المحكمة العليا الإسرائيلية في يونيو 2024 يلزم الطائفة الحريدية بالخضوع للتجنيد، ويمنع تقديم الدعم المالي للمؤسسات الدينية التي لا يشجع طلابها على الخدمة العسكرية. أثار هذا القرار غضب الطائفة الحريدية، مما دفعها إلى تنظيم احتجاجات واسعة النطاق.
وتعتبر قضية التجنيد من القضايا الشائكة في السياسة الإسرائيلية، حيث تتداخل مع قضايا الهوية الدينية والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات. وتأتي الاحتجاجات في وقت يشهد فيه الائتلاف الحكومي الإسرائيلي ضغوطًا داخلية وخارجية.
ردود الفعل السياسية والانقسامات الحزبية
أعرب يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، عن قلقه بشأن هذه الأحداث، واصفًا إياها بأنها دليل على “تقاعس الحكومة وتفكك مؤسسات الدولة”. من جانبه، انتقد أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني المعارض، بشكل مباشر سياسة الحكومة الحالية، مشيرًا إلى أن “المتهربين من التجنيد يهاجمون الشرطة في القدس لأن قيادة الدولة تحت سلطة الحريديم”.
بالإضافة إلى ذلك، هدد حزبا شاس ويهدوت هتوراه، اللذان يمثلان الحريديم في الكنيست، بإسقاط الحكومة إذا لم يتم تمرير قانون يعفي أبناء الطائفة الحريدية من التجنيد الإلزامي. ويشكل هذان الحزبان جزءًا أساسيًا من الائتلاف الحكومي، حيث يمتلك الائتلاف مجتمعًا 68 مقعدًا من أصل 120 في الكنيست. ويحتاج الائتلاف 61 مقعدًا على الأقل للبقاء في السلطة، مما يجعل موقف الحزبين الحريديين بالغ الأهمية.
وتفاقمت التوترات السياسية مع تداول أنباء عن تهديد الحريديم بطلب حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة، ما لم يتم تسريع النقاش حول قانون التجنيد. ويرتبط هذا التهديد بالضغط المتزايد على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لحل هذه القضية الحساسة.
التأثير على الاستقرار السياسي والاجتماعي
تلقي هذه الاحتجاجات بظلالها على الاستقرار السياسي في إسرائيل، حيث تزداد الضغوط على الحكومة للتوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف. كما أنها تثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على الحفاظ على سلطتها في ظل هذه الانقسامات العميقة.
إلى جانب ذلك، فإن هذه الأحداث تزيد من حدة الانقسامات الاجتماعية في إسرائيل بين الطائفة الحريدية وبقية المجتمع. ويتطلب حل هذه المشكلة معالجة القضايا العميقة المتعلقة بالهوية الدينية والمساواة في الحقوق والواجبات. وقد تؤدي القضية أيضاً إلى نقاش أوسع حول دور المؤسسات الدينية في الدولة، وواجباتها تجاه المجتمع.
وتشكل قضية الخدمة في الجيش الإسرائيلي جزءًا من منظومة أوسع من التحديات التي تواجهها إسرائيل، بما في ذلك الصراعات الإقليمية والضغوط الاقتصادية والاجتماعية. وربط البعض هذه الاحتجاجات بالحالة العامة في البلاد.
من المتوقع أن تشهد الكنيست نقاشات حادة حول قانون التجنيد في الفترة المقبلة، حيث يسعى كل طرف إلى تحقيق مصالحه. تنتهي ولاية الكنيست الحالية في أكتوبر 2026، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الحكومة للتوصل إلى حل قبل حلول ذلك الموعد. ويجب مراقبة تطورات هذا الملف عن كثب، نظرًا لتأثيره المحتمل على مستقبل السياسة الإسرائيلية.




