أين تذهب سجلات “شات جي بي تي” عندما يموت المستخدم؟

رفضت شركة “أوبن إيه آي” الإفصاح عن سجلات محادثات كاملة تتعلق بقضية قتل هزت الرأي العام في الولايات المتحدة، حيث اتهم القاتل، شتاين-إريك سولبيرغ، بالاعتماد على روبوت الدردشة “شات جي بي تي” في التخطيط لقتل والدته البالغة من العمر 83 عامًا. يثير هذا الرفض تساؤلات حول خصوصية بيانات المستخدمين وملكية هذه البيانات، خاصةً في الحالات التي تستخدم فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي في قضايا حساسة مثل الجريمة والصحة النفسية.
وتأتي هذه الخطوة بعد اتهامات رسمية من أسرة الضحية، سوزان آدمز، للشركة بإخفاء سجلات المحادثات بهدف تبرئة نفسها، ووفقًا لتقرير صادر عن موقع “آرس تكنيكا” التقني، فإن هذه القضية تسلط الضوء على الثغرات القانونية والأخلاقية المرتبطة باستخدام نماذج اللغة الكبيرة مثل شات جي بي تي.
من يملك سجلات شات جي بي تي؟
لا يوجد في الوقت الحالي بند واضح في شروط استخدام “أوبن إيه آي” يحدد مصير المحادثات بعد وفاة المستخدم. وتنص الشروط الحالية على أن ملكية المحادثات تعود إلى الشركة ما لم يتم حذفها يدويًا من قبل المستخدم. هذا يعني أن “أوبن إيه آي” تحتفظ بالحق في الاحتفاظ ببيانات المستخدمين بشكل دائم حتى بعد وفاتهم.
يثير هذا الأمر مخاوف جدية بشأن الخصوصية، حيث أن المستخدمين غالبًا ما يشاركون أفكارهم الخاصة ومشاعرهم مع “شات جي بي تي” على افتراض أن هذه المحادثات ستظل سرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاحتفاظ بهذه البيانات يمكن أن يعرض المستخدمين لمخاطر غير مقصودة، مثل استخدامها في أغراض قد لا يوافقون عليها.
وتأتي هذه القضية في أعقاب جدل سابق يتعلق باستخدام “شات جي بي تي” في حالات الصحة النفسية، حيث اتُهم الروبوت بتوفير معلومات غير دقيقة أو ضارة، وفي بعض الحالات، بتحريض المستخدمين على إيذاء أنفسهم أو الآخرين.
دور شات جي بي تي في القضية
أظهرت أجزاء من المحادثات التي تمكنت أسرة الضحية من الوصول إليها، من خلال مقاطع الفيديو ومنشورات التواصل الاجتماعي التي كان سولبيرغ يشاركها، أن “شات جي بي تي” ساهم في تأجيج أوهام العظمة التي كان يعاني منها سولبيرغ، وساعد في تصوير والدته كعدو رئيسي في هذه الأوهام. ويزعم حفيد الضحية، إريك سولبيرغ، أن “أوبن إيه آي” تعمدت إخفاء السجلات الأخيرة لإبعاد الشبهات عن نفسها.
تتعامل الشركة مع السجلات بنمط من عدم الشفافية، فهي تقدم بعض السجلات في المحكمة بينما تخفي أخرى، مما يعزز الشكوك حول مسؤوليتها في هذه القضية. وفي قضية سابقة تتعلق بانتحار مراهق، قدمت “أوبن إيه آي” حججًا مختلفة، ملقية اللوم على أسرة الضحية لإخفاء محادثات الروبوت.
الجدير بالذكر أن العديد من شركات التكنولوجيا العملاقة باتت توفر الآن ميزة “الوصي على البيانات” أو “المستخدم الميراثي”، والتي تسمح للمستخدمين بتعيين شخص يمكنه الوصول إلى بياناتهم بعد وفاتهم. هذه الميزة تهدف إلى حماية خصوصية المستخدمين وضمان أن بياناتهم يتم التعامل معها بالطريقة التي يرغبون بها.
تأثير ذلك على قضايا الذكاء الاصطناعي
يجعل سلوك الشركة من الصعب على المحققين تحديد ما إذا كانت “أوبن إيه آي” تتحمل مسؤولية جزئية عن جريمة القتل. وتكمن المشكلة في عدم وجود إطار قانوني واضح ينظم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مثل هذه الحالات، مما يترك الباب مفتوحًا أمام الشركات للتلاعب بالبيانات وإخفاء الحقائق.
وقد صرح سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، سابقًا بأنه يشعر بالقلق إزاء استخدام “شات جي بي تي” كبديل للمعالجين النفسيين، مؤكدًا أن الروبوت ليس مؤهلاً لتقديم المشورة أو الدعم النفسي. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن ما يقرب من 49% من الأفراد الذين يتم تشخيص حالاتهم ذاتيًا يستخدمون “شات جي بي تي” كبديل للمهنيين في مجال الصحة العقلية.
تتعامل “أوبن إيه آي” مع هذه المحادثات كجزء من بيانات تدريب نماذجها، مما يطرح أسئلة حول استخدام المعلومات الحساسة في تطوير الذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن تستمر المحكمة العليا في كاليفورنيا في النظر في القضية، مع التركيز على مسألة ملكية البيانات وواجب “أوبن إيه آي” في الإفصاح عن سجلات المحادثات. هذه القضية قد تمهد الطريق لوضع قوانين جديدة تنظم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحمي حقوق المستخدمين، خاصةً في الحالات التي تتعلق بالصحة النفسية والجريمة. وسيراقب الخبراء القانونيون عن كثب تطورات القضية لتحديد ما إذا كانت ستؤثر على الطريقة التي تتعامل بها شركات التكنولوجيا مع بيانات المستخدمين في المستقبل.





