Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
صحة وجمال

بديل واعد للحمض النووي.. تقنية مبتكرة تحدد هوية الأشخاص عبر بروتينات الشعر

توصل علماء إلى طريقة جديدة واعدة في مجال تحديد الهوية، تعتمد على تحليل البروتينات، والتي يمكن أن تكون بديلاً فعالاً لفحص الحمض النووي (DNA) في بعض الحالات. هذه التقنية الحديثة، التي يُتوقع أن تُحدث ثورة في التحقيقات الجنائية، تقدم حلولاً للتعامل مع الأدلة البيولوجية المتدهورة أو النادرة.

الابتكار الجديد، الذي يجري تطويره في مختبرات مختلفة حول العالم، يتيح للخبراء الجنائيين تحديد هوية الأفراد بدقة أكبر، خاصةً في الظروف التي يعجز فيها تحليل الحمض النووي عن تقديم نتائج قاطعة. وقد أشارت دراسات أولية إلى إمكانية تطبيق هذه التقنية في مسرح الجريمة خلال السنوات القليلة القادمة.

علم البروتينات (Proteomics) وتحديد الهوية: تقنية واعدة

تعتمد هذه الطريقة على علم “البروتيوميات”، وهو دراسة البروتينات – الجزيئات الحيوية التي تؤدي معظم الوظائف في الخلايا. يتجاوز علم البروتيوميات مجرد تحديد البروتينات الموجودة، ليشمل أيضاً دراسة تركيبها ووظائفها وتفاعلاتها، بالإضافة إلى التغيرات التي تطرأ عليها نتيجة عوامل مختلفة.

ويختلف هذا النهج عن تحليل الحمض النووي التقليدي، حيث يركز على المادة الوراثية نفسها. لكن، في كثير من الأحيان، يمكن أن يتدهور الحمض النووي بمرور الوقت، خاصةً في الظروف البيئية القاسية، مما يجعله غير صالح للاستخدام في التحاليل الجنائية.

مزايا تحليل البروتينات في الطب الشرعي

تُظهر البروتينات استقراراً أكبر بكثير من الحمض النووي، مما يجعلها قابلة للتحليل حتى بعد مرور فترات زمنية طويلة أو تعرض العينات لعوامل التحلل. هذه الميزة تجعل من تقنية البروتيوميات أداة قيمة في الحالات التي تكون فيها الأدلة البيولوجية قديمة أو متدهورة.

أحد التطبيقات الرئيسية لهذه التقنية يكمن في تحليل خصلات الشعر. غالباً ما يترك المجرمون الشعر في مسرح الجريمة، إلا أن استخدامه كان محدوداً في السابق بسبب صعوبة استخلاص الحمض النووي منه، أو بسبب تدهوره. لكن، مع تطور تقنيات البروتيوميات، أصبح الشعر مصدراً قيماً للمعلومات يمكن من خلاله تحديد هوية الجاني.

يمكن لتحليل البروتينات في الشعر أن يكشف عن معلومات دقيقة حول الشخص، مثل جنسه وعرقه ونظامه الغذائي وحتى بعض الأمراض التي قد يعاني منها. تُستخدم هذه المعلومات في بناء ملف تعريفي فريد لكل فرد، مما يسهل عملية التعرف عليه.

يدعم هذا التطور الزيادة المستمرة في الطلب على تقنيات الطب الشرعي المتقدمة، حيث تتزايد تعقيد القضايا الجنائية وتتطلب أدوات تحليل أكثر دقة وفعالية. بالإضافة إلى ذلك، يساهم في تقليل الاعتماد على الحمض النووي في الحالات التي يكون فيها غير متاح أو غير موثوق.

لا يهدف الباحثون إلى استبدال اختبارات الحمض النووي التقليدية، بل إلى استكمالها. فالحمض النووي لا يزال يعتبر المعيار الذهبي في تحديد الهوية، لكن تقنية البروتيوميات تقدم بديلاً قيماً في الحالات التي تكون فيها فحوص الحمض النووي غير ممكنة أو غير كافية.

وتستمر الأبحاث في هذا المجال بوتيرة متسارعة، بهدف تحسين دقة وسرعة التحليل، بالإضافة إلى تطوير طرق جديدة لاستخلاص البروتينات من العينات البيولوجية المختلفة. ويركز العلماء أيضاً على إنشاء قواعد بيانات ضخمة للبروتينات، مما يسهل عملية المقارنة والتعرف على الأفراد.

يتوقع خبراء في مجال الطب الشرعي أن تصبح تقنية البروتيوميات جزءاً لا يتجزأ من التحقيقات الجنائية في المستقبل القريب. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي يجب التغلب عليها، مثل توحيد معايير التحليل وضمان جودة البيانات، وتكاليف المعدات والتحاليل.

في المرحلة القادمة، من المتوقع أن يتم إجراء المزيد من الدراسات والتجارب السريرية لتقييم فعالية تقنية البروتينات في مختلف السيناريوهات الجنائية. وستركز الجهود أيضاً على تطوير أدوات تحليل يسهل استخدامها وتعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين الدقة والسرعة.

يبقى التحدي الأكبر هو توفير هذه التقنية بتكلفة معقولة بحيث تتمكن جميع المختبرات الجنائية من الاستفادة منها. ستحتاج الحكومات والجهات المعنية إلى الاستثمار في البحث والتطوير، بالإضافة إلى تدريب الكوادر المتخصصة لضمان تطبيق هذه التقنية بشكل فعال وموثوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى