نظم مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية بجامعة الكويت مؤتمراً علمياً مهماً حول “الثقافة والهوية في مجتمع الخليج العربي“، وذلك برعاية الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الدكتور محمد خالد الجسار. ويهدف المؤتمر، الذي أقيم في مدينة صباح السالم الجامعية، إلى تعزيز البحث العلمي والفهم العميق للتحديات التي تواجه الهوية الخليجية في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم.
شارك في المؤتمر نخبة من الأكاديميين والباحثين المتخصصين من مختلف دول الخليج، مما يعكس أهمية الموضوع وقدرته على جمع الجهود الإقليمية. وقد انطلق المؤتمر في توقيت متميز يتزامن مع اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية، مما يضفي عليه بعداً إضافياً من الأهمية والمسؤولية.
أهمية تعزيز الثقافة والهوية في الخليج
أكد الدكتور عبدالله جواد سلطان، رئيس المؤتمر ونائب مدير الجامعة للأبحاث، أن دول الخليج تشهد تحولاً رقمياً وتكنولوجياً كبيراً، وأن هذا التحول له تأثير عميق على تشكيل الهوية الخليجية. وأشار إلى ضرورة استغلال التكنولوجيا في تعزيز القيم والأصالة، بدلاً من السماح لها بالتأثير سلباً على التراث الثقافي.
ويتزامن هذا التحول مع زيادة وتيرة العولمة، مما يطرح تحديات جديدة أمام الحفاظ على الهوية الوطنية والإقليمية. وتشمل هذه التحديات الحفاظ على اللغة العربية، وتعزيز الأدب والفن الخليجي، وحماية التراث الثقافي من الذوبان في الثقافات الأخرى.
مناقشات المؤتمر ومحاوره الرئيسية
تضمن المؤتمر 17 جلسة علمية تناولت موضوعات متنوعة تتعلق بـالثقافة والهوية، بما في ذلك الأسئلة المتعلقة بالحفاظ على الهوية في ظل التغيرات والعولمة، وتحديات الأصالة، ودور اللغة والأدب والفن والتراث في تعزيز الهوية. كما ناقشت الجلسات القضايا القانونية والاجتماعية والتاريخية المرتبطة بالهوية الخليجية.
وأوضح الدكتور يعقوب يوسف الكندري، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر والقائم بأعمال مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية، أن المؤتمر يهدف إلى خلق حوار علمي ونقدي حول الثقافة والهوية الخليجية من خلال دراسات أكاديمية متخصصة. ويركز المؤتمر بشكل خاص على تحليل الجذور والتحولات التي تشكل الواقع المعاصر في دول الخليج.
دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
أعرب الدكتور محمد الجسار، الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عن اهتمام المجلس الكبير بقضية الثقافة في الكويت والخليج بشكل عام. وأكد أن المجلس يعتبر البحث العلمي الأداة الرئيسية لفهم الإشكاليات والتحديات التي تواجه الثقافة والهوية في المنطقة.
وأضاف الدكتور الجسار أن التغيرات التكنولوجية الكبرى تؤثر بشكل متزايد على القيم والمعرفة في المجتمع، مما يستدعي ضرورة تحليل هذه التغيرات وتداعياتها. ويعتبر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من المؤسسات الرائدة في دعم وتشجيع البحث العلمي في مجال التراث الثقافي.
بالإضافة إلى ذلك، يركز المجلس على دعم المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية والخليجية، من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية، ودعم الفنانين والأدباء، وحماية التراث الثقافي. ويعمل المجلس بشكل وثيق مع المؤسسات التعليمية والبحثية في الكويت والخليج لتحقيق هذه الأهداف.
تأثيرات العولمة والتكنولوجيا على الهوية
يشير الباحثون المشاركون في المؤتمر إلى أن العولمة والتكنولوجيا لا تمثلان تهديداً للهوية الخليجية فحسب، بل أيضاً فرصة لتعزيزها وإبرازها على المستوى العالمي. فمن خلال استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، يمكن لدول الخليج أن تشارك ثقافتها وتراثها مع العالم، وأن تعزز صورتها الإيجابية.
ومع ذلك، يتطلب ذلك جهداً واعياً ومخططاً، لضمان أن يتم استخدام التكنولوجيا بشكل فعال لخدمة أهداف الحفاظ على الهوية وتعزيزها. ويجب أن يركز هذا الجهد على تطوير محتوى ثقافي عربي أصيل، وتشجيع الإبداع والابتكار في المجالات الثقافية والفنية.
كما يجب أن يولي المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب اهتماماً خاصاً بتعزيز دور اللغة العربية في العصر الرقمي، من خلال تطوير تطبيقات وبرامج تعليمية تساعد على تعلم اللغة العربية ونشرها. ويعتبر ذلك أمراً ضرورياً للحفاظ على الهوية الثقافية واللغوية لدول الخليج.
من المتوقع أن يسهم المؤتمر في تطوير سياسات وبرامج لدعم الهوية الخليجية القادرة على التفاعل الإيجابي مع العالم. وستقوم جامعة الكويت بتجميع أوراق البحث التي قدمت في المؤتمر ونشرها في مجلة علمية محكمة، مما سيسهم في إثراء المعرفة حول الهوية الوطنية في دول الخليج. وستراقب الجهات المعنية نتائج المؤتمر وتوصياته، بهدف ترجمتها إلى إجراءات عملية على أرض الواقع.
