البطالة في الأردن أرقام مقلقة وشباب يصنعون فرصهم خارج الوظيفة

عمّان – تتصاعد أرقام البطالة في الأردن، وتشكل تحدياً ملحاً يواجهه الشباب الباحثون عن فرص عمل. فبالرغم من المبادرات الحكومية والجهود الفردية، لا يزال معدل البطالة مرتفعاً، مما يثير قلقاً متزايداً بشأن مستقبل الشباب والاقتصاد الوطني. هذه الأزمة لا تقتصر على غياب الوظائف، بل تمتد لتشمل شعوراً باليأس وانعدام الأمل لدى الكثيرين، خاصةً حديثي التخرج من الجامعات.
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن معدل البطالة في الأردن تجاوز 20%، في حين ترتفع هذه النسبة بشكل كبير بين فئة الشباب التي تتراوح أعمارها بين 15 و24 عاماً. كما يواجه حاملو الشهادات الجامعية صعوبات متزايدة في الحصول على وظائف مناسبة، وهو ما يعكس فجوة واضحة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. وتتفاقم هذه المشكلة بسبب ارتفاع معدلات البطالة بين الإناث مقارنة بالذكور، مما يضيف بعداً اجتماعياً واقتصادياً معقداً.
أسباب تفاقم مشكلة البطالة في الأردن
يرى خبراء اقتصاديون أن تباطؤ النمو الاقتصادي، وتشبع بعض التخصصات الأكاديمية، وضعف الإقبال على التعليم المهني والتقني، وحذر القطاع الخاص من التوظيف الطويل الأمد، كلها عوامل ساهمت في تفاقم البطالة في الأردن. بالإضافة إلى ذلك، يؤكدون على أن النظام التعليمي يحتاج إلى إصلاح شامل لكي يتواكب مع متطلبات سوق العمل المتغيرة.
في ظل هذه الظروف، يلجأ العديد من الشباب الأردني إلى البحث عن فرص عمل بديلة، مثل تأسيس مشاريع صغيرة أو العمل في القطاع غير الرسمي. ولكن هذه الخيارات غالباً ما تكون محفوفة بالمخاطر وتتطلب جهداً كبيراً ومهارات متخصصة.
تجارب شخصية وقصص نجاح رغم التحديات
يقول رائد قديمات (38 عاماً)، وهو خريج هندسة كهربائية، إنه أمضى سنوات عديدة بعد التخرج في البحث عن وظيفة دون جدوى. وأوضح أن معظم الجهات كانت تشترط وجود خبرة سابقة، مما جعله يواجه صعوبات كبيرة في إثبات قدراته. بعد سنوات من البحث اليائس، قرر قديمات تأسيس مشروع صغير لصيانة الأجهزة الكهربائية، وهو ما مكنه من تحقيق دخل ثابت وتحسين وضعه المعيشي.
تؤكد سارة الطلافيح، وهي خريجة محاسبة، أن العديد من عروض العمل التي تلقتها كانت تفتقر إلى الاستقرار والضمان الاجتماعي. وتعبر عن قلقها بشأن الآثار النفسية والاجتماعية للبطالة، والتي تؤثر على حياة الشباب وعلاقاتهم الأسرية.
مبادرات حكومية وبرامج التشغيل الوطني
في محاولة لمواجهة أزمة البطالة في الأردن، أطلقت الحكومة العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز التشغيل وخلق فرص عمل جديدة. ومن بين هذه المبادرات، البرنامج الوطني للتشغيل، الذي يربط الباحثين عن العمل بمنشآت القطاع الخاص ويوفر لهم دعماً مالياً وتقنياً.
أفاد الناطق الرسمي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، بأن البرنامج الوطني للتشغيل ساهم في توقيع أكثر من 60 ألف عقد عمل مدعوم، بنسبة مشاركة نسائية تجاوزت 50%. وأكد أن خفض معدلات البطالة يتطلب جهوداً مشتركة من جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.
التعليم المهني والتقني: محور أساسي للحل
يشدد الخبراء على أهمية تطوير التعليم المهني والتقني في الأردن، وتوجيه الشباب نحو التخصصات المطلوبة في سوق العمل. ويرون أن الاستثمار في هذا المجال يمكن أن يساهم في تقليل الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات القطاعات الاقتصادية المختلفة.
نظرة مستقبلية وتحديات مستمرة
تشير التقديرات إلى أن معدل البطالة في الأردن قد يستمر في الارتفاع في السنوات القادمة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية وفعالة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة. ويتطلب ذلك إصلاحاً شاملاً للنظام التعليمي، وتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادي، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتشير البيانات إلى أن معدل البطالة في الأردن يفوق المتوسط العالمي بأكثر من أربعة أضعاف، مما يعكس حجم التحدي الذي يواجهه الشباب الأردني. ومن المتوقع أن تستمر الحكومة في إطلاق المزيد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى دعم التشغيل وتوفير فرص عمل جديدة، ولكن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة الأردن على جذب الاستثمارات وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.





