السودان.. احتدام المعارك بكردفان وواشنطن تدعو لهدنة إنسانية

تصاعدت المعارك العسكرية في السودان، خاصة في إقليم كردفان، مع استمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع. وتشهد المنطقة تصعيدًا خطيرًا في الأعمال القتالية، مما يثير مخاوف متزايدة بشأن الوضع الإنساني المتدهور وسلامة المدنيين. وتتركز الجهود الدولية حاليًا على إمكانية التوصل إلى هدنة إنسانية لوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات.
أفادت مصادر عسكرية للجزيرة بأن طائرات مسيرة تابعة للجيش السوداني نفذت ضربات على مواقع لقوات الدعم السريع وحليفتها الحركة الشعبية-جناح الشمال في منطقتي الفراقل والحاجز بولاية جنوب كردفان. وفي المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة برنو شرقي كادوقلي، عاصمة جنوب كردفان. كما أفادت مصادر في الجيش بإسقاط مسيرتين تابعتين لقوات الدعم السريع فوق مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان.
قتال وتوتر في إقليم كردفان
يُعد إقليم كردفان بؤرة رئيسية للقتال المستمر في السودان، حيث يضم ثلاث ولايات غنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والذهب والأراضي الزراعية. ويشكل الإقليم حلقة وصل استراتيجية بين مناطق سيطرة الجيش في الشمال والشرق والوسط، وإقليم دارفور الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع منذ نهاية أكتوبر الماضي. وتشير التقارير إلى أن المعارك تزداد حدة وتعقيدًا، مما يعيق جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين.
حذر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية قبل أيام من تدهور الوضع الإنساني في كردفان، مؤكدًا على المخاطر المتزايدة التي تهدد المدنيين. وذكر المكتب أن النزاع تسبب في نزوح أكثر من 1700 شخص بين يومي الخميس والسبت الماضيين من بلدات مختلفة في جنوب كردفان، مما يزيد من الضغط على الموارد المحدودة ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
جهود دبلوماسية للتوصل إلى هدنة إنسانية
سياسياً، تتزايد الدعوات الدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية في السودان. دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن العام الجديد يمثل فرصة سانحة لذلك. وحث روبيو جميع الأطراف المعنية على استخدام نفوذها لإحلال السلام ووقف العنف المتصاعد.
وأكد روبيو أن هدف واشنطن الفوري هو وقف الأعمال القتالية قبل العام الجديد، مما يسمح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى المحتاجين وتقديم المساعدات الضرورية. وأضاف أن الولايات المتحدة تبذل قصارى جهدها لتحقيق هذا الهدف، من خلال التواصل مع الأطراف المتنازعة والأطراف الخارجية المؤثرة. وتشمل هذه الجهود الضغط على الدول التي تقدم الدعم العسكري للطرفين، خاصة لقوات الدعم السريع.
دور النفوذ الخارجي في الأزمة
أشار روبيو إلى أن بعض الدول تقدم الأسلحة للطرفين المتحاربين، مما يساهم في إطالة أمد النزاع وتصعيد العنف. وأوضح أنه أجرى محادثات مع الأطراف المعنية، مؤكدًا على ضرورة وقف تدفق الأسلحة والتركيز على إيجاد حل سلمي للأزمة. ويرى أن الأطراف الخارجية لديها القدرة على التأثير على الأطراف الفاعلة على الأرض، وبالتالي لعب دور حاسم في تحقيق هدنة إنسانية.
وكان الرئيس الأمريكي قد ذكر الأسبوع الماضي أنه سيتدخل لوقف الحرب في السودان، مما يعكس الاهتمام المتزايد من قبل الإدارة الأمريكية بالوضع في السودان. وتأتي هذه التصريحات في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية، وتزايد المخاوف بشأن مستقبل السودان.
منذ منتصف أبريل 2023، يشهد السودان حربًا مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، وتسببت في نزوح نحو 13 مليون شخص. كما أدت الحرب إلى انتشار المجاعة على نطاق واسع، وتدهور الخدمات الأساسية، مما يهدد حياة الملايين من السودانيين. وتشير التقديرات إلى أن الوضع الإنساني في السودان قد يتدهور بشكل أكبر إذا لم يتم التوصل إلى حل سلمي للأزمة.
من المتوقع أن تستمر الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى هدنة إنسانية في السودان خلال الأيام القادمة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعيق تحقيق هذا الهدف، بما في ذلك عدم الثقة بين الطرفين المتنازعين، وتدخل الأطراف الخارجية، وتعقيد الوضع الميداني. وستظل الأوضاع في السودان محل مراقبة دقيقة من قبل المجتمع الدولي، مع التركيز على التطورات السياسية والعسكرية والإنسانية.





