غارديان: شركات مسجلة في بريطانيا تجنّد مرتزقة كولومبيين في السودان

كشفت صحيفة غارديان البريطانية عن تورط شركات مسجلة في المملكة المتحدة في تجنيد مئات المرتزقة الكولومبيين للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع في السودان، مما يثير مخاوف جدية حول التدخل الأجنبي في الصراع الدائر. يشكل هذا التطور تصعيدًا مقلقًا في الحرب السودانية، خاصة مع الاتهامات الموجهة لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
وبحسب التحقيق الذي نشرته الصحيفة، فإن هذه الشركات تستخدم واجهات قانونية في لندن لتسهيل عمليات التجنيد ونقل المقاتلين إلى السودان. وقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بعض الأفراد المرتبطين بهذه الشبكة، متهمة إياهم بتأجيج العنف وعدم الاستقرار في المنطقة. هذه القضية تلقي الضوء على التحديات التي تواجهها الدول في مراقبة ومنع تدفق المقاتلين الأجانب إلى مناطق النزاع.
تجنيد المرتزقة الكولومبيين: تفاصيل التحقيق
يربط التحقيق بين شقة سكنية بسيطة في شمال لندن وشبكة معقدة من الشركات المتورطة في تجنيد المرتزقة. وتشير الأدلة إلى أن هذه الشبكة تعمل منذ فترة طويلة، وتستفيد من سهولة تسجيل الشركات في المملكة المتحدة لتجنب الرقابة والتحقيقات.
وتلفت الصحيفة إلى أن الشركة الرئيسية المتورطة، والمعروفة باسم “زيوس غلوبال”، تم تأسيسها من قبل مواطنين كولومبيين خاضعين لعقوبات أمريكية. الشركة غيرت عنوانها المسجل بعد فرض العقوبات، مستخدمة عناوين مرتبطة بفنادق فخمة، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى جدية محاولات إخفاء أنشطتها.
دور المرتزقة في العمليات القتالية
ويشير التحقيق إلى أن المرتزقة الكولومبيين لعبوا دورًا مباشرًا في الهجوم على مدينة الفاشر في إقليم دارفور، والذي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين وتصاعد حدة العنف. كما وردت تقارير عن مشاركتهم في تدريب المقاتلين، وتشغيل الطائرات المسيرة، وحتى تجنيد الأطفال للمشاركة في القتال. تستخدم قوات الدعم السريع هذه القوات لتعزيز قدراتها العسكرية وتقويض جهود السلام.
وتشير المصادر إلى أن المرتزقة يقدمون خبرات خاصة في المجالات التقنية والعسكرية، مما يساعد قوات الدعم السريع على تحقيق مكاسب ميدانية. تأتي هذه التقارير في ظل اتهامات متزايدة لقوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والاغتصاب الجماعي والتدمير المنهجي للممتلكات المدنية.
الرقابة وتشديد الإجراءات
أعرب خبراء في الشأن السوداني والأمم المتحدة عن قلقهم العميق بشأن قدرة الأفراد الخاضعين للعقوبات على تأسيس شركات في المملكة المتحدة واستخدامها في أنشطة غير قانونية. ويرون أن سهولة تسجيل الشركات في بريطانيا تجعلها ملاذًا آمناً للجهات التي تسعى إلى دعم النزاعات المسلحة حول العالم. تعتبر هذه القضية اختبارًا لقدرة الحكومة البريطانية على تطبيق قوانينها ومكافحة الأنشطة التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
وفي ردها على هذه الاتهامات، أعلنت الحكومة البريطانية عن إدخال إجراءات أكثر صرامة للتحقق من هويات مديري الشركات، وفرض عقوبات على قادة في قوات الدعم السريع. وشددت على دعوتها إلى وقف فوري للعمليات العدائية وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في السودان. هذه الإجراءات تعكس التزام المملكة المتحدة بدعم جهود السلام والاستقرار في السودان.
من المرجح أن تستمر التحقيقات في هذه القضية وأن تظهر المزيد من التفاصيل حول الشبكات المتورطة في تجنيد المرتزقة. كما يتوقع أن تشهد المملكة المتحدة ضغوطًا متزايدة لتشديد الرقابة على الشركات المسجلة لديها ومنع استخدامها في دعم النزاعات المسلحة. ستكون الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة السودانية معقدة ما لم يتم معالجة قضية التدخل الأجنبي بفعالية.





