Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

“الست”.. فيلم يقترب من أم كلثوم ويتردد في فهمها

مع صدور فيلم “الست” مؤخرًا، أثار العمل جدلاً واسعًا حول تناول السيرة الذاتية لأم كلثوم، تلك القامة الفنية والثقافية التي لا تزال حاضرة في الذاكرة الجماعية. الفيلم، الذي يمثل محاولة لتقديم رؤية جديدة حول حياة كوكب الشرق، يواجه تحديًا كبيرًا في تحقيق التوازن بين الأصالة الفنية وتوقعات الجمهور. الفيلم يطرح أسئلة حول كيفية تمثيل الأيقونات في السينما المصرية.

فيلم “الست” هو إنتاج سينمائي مصري من نوع الدراما والسيرة الذاتية، من إخراج مروان حامد وسيناريو أحمد مراد. تتولى الممثلة منى زكي تجسيد شخصية أم كلثوم، ويشاركها البطولة مجموعة من النجوم البارزين، بما في ذلك محمد فراج وسيد رجب وأحمد خالد صالح وتامر نبيل.

الست وغياب وجهة النظر الواضحة

منذ اللحظات الأولى لعرضه، يتضح أن فيلم “الست” لا يتبع السرد التقليدي الخطي. اعتمد المخرج أحمد مراد على بناء الفيلم من خلال مجموعة من اللحظات المفصلية في حياة أم كلثوم، والانتقال بينها بحرية زمنية. هذا الأسلوب يمنح الفيلم طابعًا تجريبيًا، ولكنه يثير تساؤلات حول الوحدة الدرامية والرسالة التي يسعى الفيلم إلى إيصالها.

هذا الاختيار الأسلوبي، على الرغم من جاذبيته، يضع الفيلم في موقف صعب، وهو غياب وجهة النظر المحددة. نحن أمام سلسلة من المشاهد الهامة، ولكن دون ربط واضح أو تفسير متكامل لهذه المشاهد. يبدو الفيلم وكأنه يقدم “أهم اللحظات” في حياة أم كلثوم، دون توضيح “معنى هذه اللحظات” أو ما الذي يجب أن يستخلصه المشاهد منها.

الفيلم يركز على جوانب مختلفة من شخصية أم كلثوم، مثل قوتها كإمرأة، وموهبتها الفذة، ومعاناتها الإنسانية. ولكن، المعالجة تبدو سطحية وسريعة، مما يمنع الفيلم من الغوص في أعماق هذه الجوانب وتقديم تحليل مقنع.

التحديات الإنتاجية والجمهور المتوقع

واجه صناع الفيلم تحديًا كبيرًا في التعامل مع شخصية أم كلثوم، التي تعتبر أيقونة وطنية في مصر والعالم العربي. أي عمل فني يتناول حياتها يثير توقعات عالية ويخشى ردود الفعل النقدية من الجمهور. الفيلم حاول تجنب الوقوع في فخ التقديس المفرط، وقدم صورة أكثر إنسانية لأم كلثوم، ولكن هذا النهج لم يخلُ من بعض المخاطر.

بالإضافة إلى ذلك، اعتمد الفيلم على ظهور عدد كبير من النجوم كضيوف شرف، مما أثر على تماسك السرد. بدت بعض المشاهد وكأنها مصممة لإبراز النجم الضيف، وليس لخدمة القصة. هذا التوجه انعكس على الإخراج، الذي مال إلى الإبهار البصري على حساب العمق الدرامي.

استخدام تقنية الأبيض والأسود في بعض المشاهد كان له تأثير بصري ملحوظ، ولكنه لم يكن مدعومًا بمنطق دلالي واضح. كان يمكن لهذه التقنية أن ترمز إلى الماضي أو إلى لحظات مفصلية في حياة أم كلثوم، ولكن استخدامها جاء عشوائيًا إلى حد ما، مما قلل من فعاليتها.

الأداء التمثيلي والوتيرة السريعة

على الرغم من أن الممثلين قدموا أداءً جيدًا، إلا أن ضيق المساحة الممنوحة لهم منعهم من تطوير شخصياتهم بشكل كامل. شخصيات محورية في حياة أم كلثوم ظهرت في لقطات سريعة ومقتضبة، مما جعلها تبدو سطحية وغير مؤثرة. الفيلم اعتمد على مونتاج سريع للغاية، مما لم يسمح للمشاهد بالتفاعل مع المشاهد والاستمتاع بها بشكل كامل.

الوتيرة السريعة للفيلم، بالإضافة إلى الاعتماد المفرط على الإبهار البصري، أدت إلى إضعاف الجانب الدرامي. الفيلم يفتقر إلى اللحظات الصامتة التي تسمح للمشاهد بالتأمل والتفكير في الأحداث والشخصيات. هذا النقص في العمق الدرامي يجعل الفيلم يبدو وكأنه مجرد عرض سريع للأحداث، دون تقديم أي رؤية جديدة أو تحليل مقنع.

بشكل عام، فيلم “الست” هو عمل سينمائي طموح، ولكنه يعاني من بعض العيوب الواضحة في الكتابة والإخراج. الفيلم يمثل محاولة جريئة لتناول حياة أم كلثوم من منظور جديد، ولكنه لم يتمكن من تحقيق النجاح الكامل في هذا المسعى. من المتوقع أن تستمر المناقشات حول الفيلم في وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام والأسابيع القادمة، وأن يتم تقييم الفيلم من قبل النقاد والجمهور على حد سواء. النجاح التجاري للفيلم سيظل أيضًا مؤشرًا مهمًا على مدى تقبل الجمهور لهذه المعالجة الجديدة لحياة كوكب الشرق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى