Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

هل تنجح إسرائيل في إعادة تشكيل الجغرافيا الفلسطينية؟

لم يأتِ قرار الحكومة الإسرائيلية بشرعنة بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية بوصفه خطوة إدارية منعزلة، بل كجزء من مسار متسارع يهدف إلى إعادة تشكيل الجغرافيا الفلسطينية. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل عملية السلام، ويُظهر تحولاً في السياسة الإسرائيلية نحو محاولة حسم الصراع ميدانياً، قبل أن تؤثر التغيرات الديموغرافية على أي تسوية مستقبلية. الاستيطان، وفقاً للتحليلات، لم يعد مجرد أداة ضغط، بل أصبح استراتيجية شاملة لتقويض فكرة الدولة الفلسطينية.

هذا التحول شكل محور نقاش واسع، حيث يرى مراقبون أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تدير الصراع فحسب، بل تسعى إلى حسمه جغرافياً، مستفيدة من دعم سياسي داخلي قوي وصمت دولي ملحوظ. الشرعنة الأخيرة للبؤر الاستيطانية، والتي تضم آلاف الوحدات السكنية، تُعتبر خطوة تصعيدية تزيد من تعقيد الوضع على الأرض.

تأثير الاستيطان على مستقبل الدولة الفلسطينية

يرى الدكتور غسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، أن التسارع في وتيرة الاستيطان ليس عشوائياً، بل يعكس سعيًا إسرائيليًا واضحًا لوضع حد نهائي لإمكانية قيام دولة فلسطينية. ويشير إلى أن الإجماع داخل الحكومة الإسرائيلية هو الرفض الصريح لهذا الخيار، وأن الاستيطان هو وسيلة لتحقيق هذا الهدف.

ومع ذلك، يضيف الخطيب، فإن هذا المسار يحمل في طياته مفارقة استراتيجية، حيث أن إجهاض حل الدولتين لا يقود إلى الاستقرار، بل قد يؤدي إلى واقع دولة واحدة بنظام فصل عنصري، وهو سيناريو يصعب تسويقه دولياً. هذا الواقع قد يضع إسرائيل أمام تحديات أخلاقية وقانونية كبيرة.

الضم الزاحف كاستراتيجية إسرائيلية

من جهته، يلفت الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، إلى أن إسرائيل تعمل وفق منطق قديم متجدد يقوم على فرض الوقائع على الأرض، ثم البحث عن الأطر القانونية والسياسية لتبريرها لاحقاً. ويعتبر أن شرعنة البؤر الاستيطانية ليست سوى مرحلة متقدمة في هذا النهج، وأنها تهدف إلى تحقيق ضم زاحف للضفة الغربية.

ويشير مكي إلى أن خطورة المرحلة الحالية لا تكمن فقط في عدد المستوطنات الجديدة، بل في وتيرة التسارع غير المسبوقة، حيث جرى خلال السنوات الثلاث الماضية إنشاء ما يقارب ثلث المستوطنات القائمة منذ عام 1967. هذا يعكس تحولاً في السياسة الإسرائيلية نحو سباق مع الزمن لتغيير الخريطة الفلسطينية.

ردود الفعل الدولية والمحلية

تأتي هذه الخطوة الإسرائيلية في ظل انتقادات دولية واسعة، حيث دعت العديد من الدول والمنظمات الدولية إلى وقف الاستيطان باعتباره غير قانوني بموجب القانون الدولي. ومع ذلك، يرى الدكتور زياد ماجد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بباريس، أن المواقف الأوروبية الرافضة للاستيطان غالبًا ما تكون محصورة في الاستنكار اللفظي، دون ترجمتها إلى إجراءات عملية.

ويشير ماجد إلى أن هذا التردد الأوروبي يمنح إسرائيل هامشًا واسعًا لمواصلة تغيير الواقع على الأرض، خصوصًا في المناطق الاستراتيجية من الضفة الغربية. بالإضافة إلى ذلك، يرى أن العامل الديموغرافي الفلسطيني يمثل حائط الصد الأبرز أمام هذا المشروع، وأن الوجود السكاني الفلسطيني الكثيف وتمسكه بالأرض يفرضان قيودًا حقيقية على قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها.

الاستيطان يمثل تحدياً كبيراً أمام تحقيق السلام، ويُزيد من تعقيد الوضع على الأرض. الأراضي الفلسطينية تتعرض لتغييرات ديموغرافية وجغرافية تهدد بإجهاض أي حل سياسي عادل. عملية السلام تواجه عقبات جديدة نتيجة لهذه التطورات، وتتطلب جهودًا دولية مكثفة لإعادة إحيائها. السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية تثير قلقًا واسعًا على الصعيدين الإقليمي والدولي. التوسع الاستيطاني يُعتبر انتهاكًا للقانون الدولي، ويُهدد بزيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة. الوضع في الضفة الغربية يتدهور باستمرار، ويتطلب تدخلًا عاجلاً لحماية حقوق الفلسطينيين.

المستقبل المجهول

في الختام، يبدو مستقبل الضفة الغربية معلقًا بين استمرار السياسات الإسرائيلية التصعيدية، والجهود الدولية الرامية إلى إحياء عملية السلام. من المتوقع أن تستمر إسرائيل في تنفيذ خططها الاستيطانية، ما لم تواجه ضغوطًا دولية حقيقية. في الوقت نفسه، من غير الواضح ما إذا كانت هناك أي مبادرة جديدة قيد الإعداد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ما يجب مراقبته في الفترة القادمة هو ردود الفعل الفلسطينية والدولية على هذه التطورات، وإمكانية حدوث تصعيد ميداني قد يعيق أي جهود مستقبلية لتحقيق السلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى