Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

ما المخاطر والتحديات التي تواجه الاقتصاد السوري بعد قانون قيصر؟

دمشق – يتطلع السوريون إلى تحسن اقتصادي ملموس في أعقاب تصويت الكونغرس الأمريكي على إلغاء قانون قيصر، الذي فرض عقوبات اقتصادية واسعة على سوريا منذ عام 2019. هذه الخطوة تفتح الباب أمام فرص إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات، وتأمل دمشق أن يعزز ذلك الثقة بالاقتصاد السوري بعد سنوات من العزلة. ومع ذلك، يرى خبراء أن تحقيق هذا الانفراج الاقتصادي يتطلب معالجة تحديات هيكلية عميقة.

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، أن إلغاء العقوبات يمثل “محطة مفصلية” في طريق التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ستنعكس إيجاباً على الاستقرار النقدي. في الوقت نفسه، أعلن وزير المالية محمد يسر برنية عن تفاصيل النظام الضريبي الجديد الذي يهدف إلى دعم الإنتاج من خلال إعفاءات وحوافز.

واقع الاقتصاد السوري بعد العقوبات

عانى الاقتصاد السوري على مدى السنوات الأربعة عشر الماضية من تدمير واسع النطاق للبنية التحتية والبنية الاقتصادية، مما أدى إلى انخفاض حاد في الدخل القومي. تشير التقديرات إلى انخفاض الدخل القومي السوري من حوالي 60 مليار دولار في عام 2011 إلى أقل من 12 مليار دولار في عام 2023. بالإضافة إلى ذلك، واجه القطاع المصرفي أزمة سيولة حادة وهشاشة في الأنظمة التشغيلية.

يؤكد الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي أن البنية التحتية، بما في ذلك قطاعات الطاقة والمياه والكهرباء، مدمرة بالكامل، وأن البنية المؤسساتية في البلاد تعرضت لتدمير واسع. ويرى قضيماتي أن الاقتصاد السوري بحاجة إلى “إعادة بناء” شاملة، مع إعادة تأهيل بنيوي لجميع عناصره، بما في ذلك المصارف التي بقيت معزولة عن النظام المالي العالمي لفترة طويلة.

سنوات العزلة وحظر التعامل مع البنوك السورية أدت إلى تدهور البنية التحتية المصرفية ونشوء شركات صرافة تلعب دوراً أكبر من المصارف التقليدية في تقديم الخدمات المالية. ويرى قضيماتي أن الانفتاح الاقتصادي لن يكون سريعاً ما لم تتوفر قوانين فعالة وحوكمة حقيقية في الاقتصاد السوري.

التحديات التي تواجه الاستثمار

على الرغم من رفع العقوبات، لا تزال القنوات المالية الرسمية غير مفعّلة، مما يعيق تنفيذ عمليات التحويل من وإلى سوريا. يتوقع الخبراء أن تتسبب مرحلة إعادة بناء الاقتصاد في موجات اضطراب في الأسعار والخدمات، نظراً لطبيعة الاقتصاد السابق القائم على الحرب وغياب الهيكلية.

يشير الخبير الاقتصادي زكي محشي إلى أن رفع العقوبات لن يؤدي إلى تعافٍ تلقائي، بل سيكشف عن أخطار وتحديات اقتصادية ومصرفية معقدة. من بين هذه التحديات ضرورة تحديث القطاع المصرفي والمالي والنقدي، وتعزيز الشفافية، والالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

كما يرى محشي أن هناك مخاطر تتعلق بتركيز الاستثمارات على القطاعات الريعية مثل النفط والغاز والعقارات، مما قد يؤدي إلى تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد ريعي غير إنتاجي. ويحذر من إغراق السوق بالسلع المستوردة، مما قد يؤدي إلى استنزاف مدخرات المواطنين وتقويض الإنتاج المحلي.

مستقبل الاقتصاد السوري

يتفق الخبراء على أهمية تنمية رأس المال البشري السوري وتمكينه من المنافسة في سوق العمل بعد رفع العقوبات. كما يؤكدون على ضرورة تحديث القوانين والتشريعات الناظمة للعمل الاقتصادي والمصرفي، وتعزيز المشاركة المجتمعية في الرقابة على عملية الانفتاح على السوق العالمية.

من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مناقشات حول تعديل التشريعات المتعلقة بالاستثمار والشركات. يبقى الأداء الفعلي للاقتصاد السوري رهنًا بالقدرة على معالجة التحديات الهيكلية، وتنفيذ إصلاحات حقيقية، وجذب استثمارات مستدامة تساهم في تحقيق النمو الشامل والمستدام. سيراقب المراقبون عن كثب خطوات الحكومة في تنفيذ النظام الضريبي الجديد وتقييم تأثيره على الإنتاج والاستثمار خلال الأشهر القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى