العسكر يبررون انقلاب غينيا بيساو بـ”تفادي إراقة الدماء”

أعلنت السلطات العسكرية في غينيا بيساو أنها نفذت انقلابًا في نهاية نوفمبر الماضي “لتجنب انزلاق البلاد إلى الفوضى”، وذلك في ظل انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه غينيا بيساو، وهي دولة غرب أفريقية تعاني من عدم الاستقرار السياسي، تكرارًا للانقلابات العسكرية. هذا الانقلاب في غينيا بيساو هو الخامس منذ استقلالها عن البرتغال عام 1974، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية في البلاد.
خلفية الانقلاب وأسبابه
في 26 نوفمبر، أطاح الجيش بالرئيس أومارو سيسوكو إمبالو عشية الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات. ووفقًا لرئيس المجلس العسكري الجنرال هورتا نتام، فإن الهدف من الانقلاب هو “منع إراقة الدماء” بين مؤيدي الأحزاب المتنافسة، معتبرًا أن الانتخابات ليست دائمًا الحل للأزمات السياسية.
أشار نتام إلى أن النظام الانتخابي الحالي لم يثبت فعاليته في حل الأزمات المتكررة في غينيا بيساو. وكان كل من معسكر الرئيس إمبالو والمعارضة بقيادة فرناندو دياس دي كوستا قد أعلنوا عن فوزهم قبل الانقلاب، مما زاد من التوترات السياسية.
تاريخ من عدم الاستقرار
غينيا بيساو لديها تاريخ طويل من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية. فمنذ استقلالها، شهدت البلاد عدة محاولات للاستيلاء على السلطة، مما يعكس ضعف المؤسسات الديمقراطية وتدخل الجيش في الشؤون السياسية. هذا الوضع يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ويؤثر سلبًا على حياة المواطنين.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
أدانت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) الانقلاب بشدة، وهددت بفرض “عقوبات محددة الهدف” على أي طرف يعيق عودة الحكم المدني. وتعتبر إكواس الانقلابات العسكرية تهديدًا للاستقرار الإقليمي وتسعى جاهدةً لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في دولها الأعضاء.
من المتوقع أن يزور وفد من رؤساء الأركان في دول إكواس غينيا بيساو يوم الأحد لمناقشة الوضع مع القادة العسكريين. يأتي هذا التحرك في أعقاب تدخل عسكري مماثل من إكواس في بنين في محاولة لإحباط انقلاب آخر.
يُذكر أن دول إكواس شهدت سلسلة من الانقلابات العسكرية بين عامي 2020 و 2023 في بوركينا فاسو وغينيا ومالي والنيجر، وهي دول لا تزال تحت الحكم العسكري. هذه التطورات تثير قلقًا بالغًا بشأن تراجع الديمقراطية في المنطقة.
تداعيات محتملة ومستقبل غينيا بيساو
قد يؤدي هذا الانقلاب إلى تأخير طويل في عودة الحكم المدني في غينيا بيساو. كما أنه قد يعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية في البلاد، مما يزيد من خطر اندلاع صراعات. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر هذا الوضع سلبًا على العلاقات مع الشركاء الدوليين ويؤدي إلى تقليص المساعدات الاقتصادية.
تعتبر الأزمة السياسية الحالية في غينيا بيساو جزءًا من اتجاه أوسع نحو عدم الاستقرار في منطقة غرب أفريقيا. وتشمل التحديات الأخرى التي تواجه المنطقة الفقر والبطالة والإرهاب وتغير المناخ.
من المهم مراقبة تطورات الوضع في غينيا بيساو عن كثب، وخاصةً نتائج زيارة وفد إكواس يوم الأحد. كما يجب الانتباه إلى أي مبادرات جديدة تهدف إلى حل الأزمة السياسية وإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي. لا يزال من غير الواضح متى ستتمكن غينيا بيساو من إجراء انتخابات حرة ونزيهة واستعادة الاستقرار السياسي، لكن الضغوط الإقليمية والدولية قد تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق ذلك.
الوضع في غينيا بيساو يتطلب حلاً سياسيًا شاملاً يضمن مشاركة جميع الأطراف المعنية ويحترم إرادة الشعب. كما يتطلب دعمًا دوليًا قويًا لمساعدة البلاد على بناء مؤسسات ديمقراطية قوية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.




