خارطة سوريا بدون الجولان تثير جدلا واسعا على المنصات

أثارت خريطة نشرتها وزارة الخارجية السورية جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك عقب توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على قرار إلغاء بعض العقوبات التي فرضها قانون قيصر. الخريطة، التي تحمل عنوان “سوريا بدون قانون قيصر”، أظهرت أراضي سوريا باستثناء محافظة القنيطرة (هضبة الجولان المحتلة)، ما أدى إلى انتقادات واسعة النطاق واتهامات بالتقصير والإيحاء بالتنازل عن الحق في الجولان.
الخريطة، التي ظهرت بعد إعلان واشنطن عن تغييرات في سياسة العقوبات تجاه سوريا، لم تظهر الحدود المتنازع عليها مع إسرائيل في هضبة الجولان، مما أثار تساؤلات حول دوافع الوزارة ونواياها. سرعان ما انتشرت صورة الخريطة بشكل واسع، مصحوبة بتعليقات غاضبة من رواد الإنترنت الذين اعتبروا ذلك بمثابة إهمال وطني.
الخريطة تثير غضبًا واسعًا وتساؤلات حول “قانون قيصر”
تأتي هذه الحادثة في ظل نقاشات مستمرة حول فعالية قانون قيصر وتأثيره على الشعب السوري. يهدف القانون، الذي فرض عقوبات على الحكومة السورية والأفراد والكيانات المرتبطة بها، إلى الضغط على النظام السوري لتحقيق تسوية سياسية وإنهاء الحرب الأهلية. ومع ذلك، يرى البعض أن القانون تسبب في تدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في البلاد.
ردود الأفعال على وسائل التواصل الاجتماعي
أعرب العديد من المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي عن استيائهم من الخريطة، معتبرين إياها خطأ فادحًا لا يمكن تجاهله. طالبوا وزارة الخارجية بتصحيح الخريطة وإعادة نشرها، مؤكدين أن الجولان جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية. كتب أحدهم معبراً عن غضبه: “كيف يمكن لوزارة الخارجية أن تصدر خريطة لـ سوريا بلا الجولان؟ هذا غير مقبول!”.
في المقابل، حاول البعض تبرير الأمر باعتباره خطأ تصميميًا بسيطًا أو سوء فهمًا. وأشاروا إلى أن الخريطة ربما استخدمت كخلفية أو عنصر графический دون قصد، وأنها لا تعكس بالضرورة موقفًا سياسيًا رسميًا. ومع ذلك، لم يقنع هذا التفسير الكثيرين، خاصة وأن الخريطة نشرت على حساب وزارة الخارجية الرسمية.
الخريطة السورية وعلاقتها بهضبة الجولان
هضبة الجولان، الواقعة في أقصى جنوب غربي سوريا، احتلت من قبل إسرائيل في حرب عام 1967، وأعلنت إسرائيل ضمها بشكل أحادي عام 1981. لم تعترف الأمم المتحدة بهذا الضم، وتعتبر الجولان “أرضًا عربية محتلة”. ظلّت القضية شائكة ومثيرة للجدل، حيث يطالب السوريون باستعادة السيادة الكاملة على هضبة الجولان.
تاريخيًا، وجهت اتهامات للنظام السوري السابق بالتفاوض السري مع إسرائيل بشأن الجولان، لكن هذه الاتهامات لم تثبت بشكل قاطع. يؤكد المراقبون السياسيون أن قضية الجولان تظل من القضايا الأساسية التي يجب حلها في أي عملية سلام شاملة في المنطقة.
إضافة إلى ذلك، تركز النقاشات حول قانون قيصر غالبًا على تأثيره على الاستثمار الأجنبي في سوريا، وإعادة الإعمار المحتملة. مع تخفيف بعض القيود مؤخرًا، قد يشهد الاقتصاد السوري تحسنًا تدريجيًا، لكن هذا يعتمد بشكل كبير على الاستقرار السياسي ومساهمة الفاعلين الدوليين، كما يشكل الاستثمار في البنية التحتية تحديًا كبيرًا.
أثيرت أيضًا تساؤلات حول مصدر الخريطة المستخدمة في المنشور. رجح البعض أن تكون قد تم الحصول عليها من مواقع تقدم خدمات توضيحية للصور مثل “شترستوك” دون التأكد من دقتها أو ملاءمتها. هذا الأمر يزيد من الحاجة إلى التدقيق اللغوي والمصداقية في المعلومات التي تنشرها الوزارات والهيئات الحكومية على الإنترنت.
حتى الآن، لم تصدر وزارة الخارجية السورية أي بيان رسمي يوضح ملابسات نشر الخريطة أو يقدم اعتذارًا عن أي إيحاءات قد تكون حملتها. من المتوقع أن يصدر توضيح خلال الساعات القليلة القادمة، مع التركيز على التأكيد على أن الخريطة لا تعكس موقفًا رسميًا من قضية هضبة الجولان. المتابعة الدقيقة لتصريحات الوزارة والتطورات المتعلقة بقانون قيصر ستكون حاسمة في فهم المشهد السياسي والاقتصادي في سوريا.





