دراسة جديدة.. دواء شائع للهربس قد يفاقم مرض الزهايمر المبكر

أظهرت دراسة حديثة أن استخدام دواء فالاسيكلوفير، وهو علاج شائع لالتهابات الهربس، قد يرتبط بتفاقم التدهور المعرفي لدى مرضى الزهايمر في المراحل المبكرة. توصل باحثون من معهد نيويورك الحكومي للطب النفسي ومركز جامعة كولومبيا الطبي، بالتعاون مع مؤسسات بحثية أمريكية أخرى، إلى هذه النتائج المثيرة للقلق بعد دراسة سريرية شملت مجموعة من المرضى المعرضين للخطر. هذه النتائج تثير تساؤلات حول الاستخدام المحتمل للأدوية المضادة للفيروسات في سياق علاج الأمراض العصبية التنكسية.
أجريت الدراسة في الولايات المتحدة وشملت 120 مشاركًا تم تشخيصهم بمرض الزهايمر المحتمل أو ضعف إدراكي طفيف، مع وجود علامات بيولوجية تشير إلى المرض. تم تقسيم المشاركين عشوائيًا إلى مجموعتين، تلقت إحداهما فالاسيكلوفير بينما تلقت الأخرى دواءً وهميًا. تم تقييم المشاركين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي وفحوصات لعلامات الأميلويد والتاو في بداية ونهاية فترة الدراسة.
فالاسيكلوفير والزهايمر: نتائج الدراسة
أظهرت النتائج أن كلا المجموعتين شهدتا تدهورًا إدراكيًا عامًا، وهو أمر متوقع في المراحل المبكرة من مرض الزهايمر. ومع ذلك، كان التدهور المعرفي ملحوظًا بشكل أكبر في المجموعة التي تلقت فالاسيكلوفير. سجلت هذه المجموعة زيادة قدرها 10.86 نقطة في مقياس تقييم مرض الزهايمر، مقارنة بزيادة قدرها 6.92 نقطة في المجموعة التي تلقت الدواء الوهمي، وفقًا للباحثين.
لم تظهر التحاليل اختلافات كبيرة بين المجموعتين في مؤشرات التصوير الدماغي المتعلقة بتراكم بروتيني الأميلويد والتاو، وهما من السمات المميزة لمرض الزهايمر. كما لم تكن هناك فروق ذات دلالة إحصائية في درجات الأداء الوظيفي اليومي بين المجموعتين. يشير هذا إلى أن تأثير فالاسيكلوفير قد لا يكون مرتبطًا بشكل مباشر بالتغيرات المرضية المعروفة في الدماغ.
تفسيرات محتملة
لا تزال الأسباب الكامنة وراء هذا التأثير السلبي غير واضحة. إحدى الفرضيات المطروحة هي أن فالاسيكلوفير قد يؤثر على الاستجابة المناعية في الدماغ، مما يؤدي إلى تفاقم الالتهاب وتدهور الخلايا العصبية. هناك أيضًا احتمال أن يكون للفيروس الهربس البسيط نفسه دور في تطور مرض الزهايمر، وأن تثبيط الفيروس قد يكون له آثار غير مقصودة على العمليات المعرفية.
من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة لا تثبت علاقة سببية بين فالاسيكلوفير وتدهور الزهايمر. ومع ذلك، فإن النتائج تشير إلى وجود ارتباط محتمل يستدعي مزيدًا من التحقيق. يجب إجراء دراسات أكبر وأكثر شمولاً لتأكيد هذه النتائج وتحديد الآليات البيولوجية المسؤولة عنها.
الآثار المترتبة على العلاج
بناءً على هذه النتائج، يوصي الباحثون بتجنب استخدام فالاسيكلوفير في علاج مرضى الزهايمر في المراحل المبكرة. ويؤكدون على الحاجة إلى تطوير استراتيجيات علاجية جديدة تستهدف الأسباب الجذرية للمرض، بدلاً من محاولة علاج الالتهابات الفيروسية المحتملة. هذا لا يعني التخلي عن البحث في دور الفيروسات في تطور المرض، بل توخي الحذر في استخدام الأدوية المضادة للفيروسات الحالية.
تعتبر الأدوية المضادة للفيروسات، مثل فالاسيكلوفير، جزءًا أساسيًا من علاج التهابات الهربس، وهي حالة شائعة ومزعجة. ومع ذلك، يجب على الأطباء الآن أن يكونوا على دراية بالآثار الجانبية المحتملة لهذه الأدوية، خاصةً لدى المرضى الذين يعانون من ضعف إدراكي أو معرضين لخطر الإصابة بمرض الزهايمر. يجب أن تكون قرارات العلاج فردية وتستند إلى تقييم شامل للمخاطر والفوائد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية فهم العلاقة المعقدة بين الجهاز المناعي والدماغ في تطور الأمراض العصبية التنكسية. قد يكون هناك تفاعلات غير متوقعة بين الأدوية التي تستهدف الجهاز المناعي والعمليات المعرفية، مما يستدعي مزيدًا من البحث والتطوير.
من المتوقع أن يستمر البحث في هذا المجال، مع التركيز على تحديد الآليات البيولوجية التي تربط بين فالاسيكلوفير والتدهور المعرفي. قد تشمل الدراسات المستقبلية تقييم تأثير الدواء على علامات بيولوجية أخرى، مثل مستويات الالتهاب في الدماغ. من المرجح أيضًا أن يتم استكشاف علاجات بديلة تستهدف الفيروس الهربس البسيط بطرق أكثر تحديدًا وأمانًا. سيستغرق الأمر على الأرجح عدة سنوات قبل أن يتم التوصل إلى إجابات نهائية حول دور فالاسيكلوفير في مرض الزهايمر، ولكن هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة في فهم هذا المرض المعقد.





