حزب الله يطالب الحكومة اللبنانية بعدم تنفيذ الشروط الإسرائيلية

أدانت كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني بشدة استهداف إسرائيل للمدنيين وأفراد الجيش اللبناني، معتبرةً ذلك انتهاكًا سافرًا للسيادة الوطنية. وجاء هذا الموقف في خضم تصاعد التوترات الحدودية، وتأكيد إسرائيل على مواصلة جهودها لـ نزع سلاح حزب الله، وهو ما يرفضه الحزب ويعتبره دفاعًا عن لبنان. وتأتي هذه التطورات بعد إقرار الحكومة اللبنانية في أغسطس الماضي حصر السلاح بيد الدولة، وتكليف الجيش بوضع خطة لتنفيذ ذلك بحلول نهاية عام 2025.
وتطالب الكتلة السلطات اللبنانية بتجنب الاستسلام للشروط الإسرائيلية التي تهدف إلى إضعاف الجيش اللبناني وتقويض السيادة. وفي المقابل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على استمرار العمل نحو تحقيق هدف نزع سلاح حزب الله، مما يشير إلى استمرار الضغط الإسرائيلي على لبنان.
الخلاف حول نزع السلاح وتصعيد التوترات
تكمن جذور الخلاف في رؤية حزب الله لسلاحه كجزء لا يتجزأ من استراتيجية الدفاع اللبنانية، خاصةً في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي اللبنانية. ويؤكد الحزب على حقه في مقاومة الاحتلال، بينما تعتبر إسرائيل أن وجود سلاح خارج سيطرة الدولة يشكل تهديدًا لأمنها القومي.
في 5 أغسطس الماضي، أقر مجلس الوزراء اللبناني مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، بما في ذلك سلاح حزب الله، وتكليف الجيش بوضع خطة لتنفيذ هذا القرار قبل نهاية عام 2025. هذا القرار جاء استجابة للضغوط المحلية والدولية، ولكنه لم يغير من موقف حزب الله الرافض لتسليم سلاحه.
الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، أكد مرارًا وتكرارًا أن الحزب لن يتخلى عن سلاحه، داعيًا في الوقت ذاته إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية. في المقابل، تتهم إسرائيل الجيش اللبناني بالتقصير في تفعيل خطة نزع السلاح، وهي اتهامات ترفضها بيروت وتعتبرها تدخلًا في الشؤون الداخلية.
العدوان الإسرائيلي الأخير على جنوب لبنان
على الصعيد الميداني، كثف الجيش الإسرائيلي من غاراته على جنوب لبنان، زاعمًا أنها تستهدف مواقع إطلاق صواريخ تابعة لحزب الله. وذكرت مصادر إعلامية أن الغارات الأخيرة استهدفت محيط بلدتي زفتا والنميرية في قضاء النبطية، بالإضافة إلى بلدتي تبنا وحومين.
وأفاد مراسل الجزيرة بأن الغارات الإسرائيلية تسببت في أضرار مادية، دون ورود معلومات عن إصابات بشرية حتى الآن. وادعى الجيش الإسرائيلي أنه دمر منشآت عسكرية وبنى تحتية يستخدمها الحزب في عملياته، لكن هذه الادعاءات لم يتم التحقق منها بشكل مستقل.
تداعيات وقف إطلاق النار السابق
يأتي هذا التصعيد بعد فترة من الهدوء النسبي، إثر اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2024، بعد حرب شاملة بدأت إسرائيلها في أكتوبر 2023. وقبل ذلك، قتلت إسرائيل أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفًا آخرين خلال عدوانها على لبنان.
ومع ذلك، شهدت الفترة التي تلت وقف إطلاق النار أكثر من 4500 خرق، مما أدى إلى مقتل وإصابة المئات، بالإضافة إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخمس تلال لبنانية ومناطق أخرى كانت تحت سيطرتها قبل الحرب. هذه الخروقات المستمرة تثير مخاوف من انهيار الهدوء وعودة التصعيد العسكري.
مستقبل التوترات والجهود الدبلوماسية
من المتوقع أن يستمر التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في ظل استمرار الخلاف حول نزع سلاح حزب الله والوضع في جنوب لبنان. وتعتبر الجهود الدبلوماسية، التي تقودها دول مختلفة، حاسمة لمنع التصعيد وتجنب حرب شاملة.
ومع اقتراب موعد نهاية عام 2025، وهو الموعد النهائي الذي حددته الحكومة اللبنانية لتنفيذ خطة نزع السلاح، من المرجح أن تزداد الضغوط على جميع الأطراف. وسيكون من الضروري مراقبة تطورات الوضع الميداني والجهود الدبلوماسية، بالإضافة إلى ردود أفعال الأطراف المعنية، لتقييم مستقبل التوترات في المنطقة. الوضع السياسي والاقتصادي الهش في لبنان يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى هذه القضية، مما يجعل إيجاد حل دائم أمرًا صعبًا.





