Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
منوعات

مزايدات لا معنى لها

لفتني كثيراً حالة المزايدة الغريبة التي اجتاحت أحاديث الناس وتحديداً في الإعلام الاجتماعي أو (السوشال ميديا)، وكذلك الأحاديث الجانبية بين الناس وفي العديد من برامج بعض القنوات التلفزيونية ذات التوجهات والأجندات، المزايدة التي وظفت كارثة الزلزال ومآسي الناس وآلامهم لتصنيف الناس إلى معسكرات وفئات، فهناك عديمو الإنسانية، وهناك المراؤون، وهناك الذين يضنون بأموالهم على الخير وينفقونها في الملذات والتفاهات، ولم يسلم أحد من سهام النقد والتجريح، فحتى الذين أسهموا وتبرعوا بما قدروا عليه، أصابتهم السهام واعتبروا أشخاصاً لا يمتلكون حس العطاء بشكل لائق!

هذا كله تم من قبل أطراف مختلفة لم تسهم في مساعدة المنكوبين بغير الكلام والنقد مع قدرتهم على فعل الكثير والمساهمة بالمال والجهد، لكنهم تفرغوا لمراقبة قوافل الإغاثة وفرق الإنقاذ، وإحصاء عدد الصناديق وكميات الأدوية وعدد البقع في ثياب بعض المتبرعين (قليلي الذوق كما أطلقوا عليهم)!

لم يطلب المنكوبون من كل هؤلاء أن يكونوا محاميي دفاع عنهم وعن حقوقهم، فكل ذي فكر وإحساس وقلب عامر بإنسانيته أسهم بقدر ما يستطيع، فحتى الدعاء يعتبر إسهاماً يتقبله الله قبل أن تتقبله مخيمات وتجمعات الإغاثة، أما من نصّب نفسه مراقباً ومحللاً ومصنفاً للنوايا والتوجهات والأفكار فنذكره بـ (أو شققت عن قلبه فعلمت)؟!

الذين اعتبروا مواقف الدول العظمى مخزية ولا إنسانية، علينا أن نقول لهم إن هذه الدول تتعامل في السياسة وفق نظرية المصالح لا الصداقات، وأما الإنسانية وحقوق الإنسان فليست سوى واجهة، فلنكف عن البكاء على مواقف أمريكا وأوروبا لأن هذا تعاطٍ ساذج مع السياسة.

الذين زايدوا على الإعلام الرسمي معتبرين الإعلام الاجتماعي هو الأفضل والأكثر إنسانية والأوفر حظاً في المساهمة في جهود التبرع والإنقاذ لأنه إعلام الناس والحقيقة، نقول لهم: تأنوا في الحكم، فوراء المواقع والأقلام والصفحات الاجتماعية أجندات ودول ومنظمات وأحزاب لا أول لها ولا آخر، لم يعد الإعلام الاجتماعي هو ذلك الإعلام البريء الذي يعبر عن رأي الناس، بعد أن أصبحت تقف خلفه كتائب إلكترونية تعزز سياسات وأفكار معروفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى