Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

مع مرور عام على اندلاع الحرب مع أوكرانيا.. هل نجحت روسيا في معركة كسب الحلفاء الدوليين؟

موسكو- لنحو 30 عامًا أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي، عايشت العلاقات الروسية مع المنظومة الغربية مختلف أشكال التصعيد والتهدئة، فمن مذكرات للتعاون لم ير أغلبها النور، مرورا بالوعود بدمج الدولة التي قامت على خراب قوة عظمى بالمؤسسات والمرجعيات الأوروبية، وصولًا إلى رفض منح موسكو “تطمينات أمنية” ودعم أوكرانيا في الحرب معها، تباينت هذه العلاقات قبل أن تصل إلى طريق مسدود.

تحول البوصلة

أمام هذه الإرهاصات، ومع انهيار الرهان على التحول إلى كيان أوروبي كامل الحقوق والصلاحيات مع الوقوع تحت سيف أكبر عقوبات يشهدها تاريخ العلاقات الدولية، بدأت روسيا تدريجيا عملية البحث عن فضاء تحالفات جديد يساعد في إعادة تثبيت موقعها الجيوسياسي كقوة عظمى، ويمكِّنها في الوقت ذاته من التنفس عبر “رئة” العلاقات الاقتصادية الجديدة في مسعى لتخفيف عبء العقوبات.

وبحسب محللين سياسيين روس، فإنه رغم أن الغرب أسس منذ زمن طويل لحلف عسكري توسع مع مرور الزمن (الناتو)، فإن موسكو تمكنت كذلك من العثور على حلفاء، ولكن مع فارق في مدى التأييد وعمق التحالفات ومجالاتها.

في غضون ذلك، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، أنه من السابق لأوانه الحديث عن تبلور نهائي لأشكال وصيغ تحالفات روسيا على الساحة الدولية، لكن عملية التقارب مع كثير من بلدان العالم جارية على قدم وساق، بحسبه.

ووفق رأيه، فإن الحديث يدور في الدرجة الأولى عن الصين وإيران والهند (جزئيا) وفنزويلا ودول أفريقية نزعت أو تسعى لنزع الوصاية الفرنسية عنها، حيث يوضح في حديث للجزيرة نت، أن محاولات الغرب، منذ مارس/آذار 2014، في تحويل روسيا إلى “دولة مارقة”، فشلت إلى حد كبير.

كما رفضت دول كثيرة دعم القرارات المناهضة لروسيا في الأمم المتحدة فضلا عن عدم الانضمام للعقوبات الغربية رغم محاولات الإقناع أو التوجيه أو التهديدات من الأميركيين والأوروبيين، كما أن دولا كثيرة لم تخضع في سياستها بشأن سوق النفط لإملاءات الغرب، واستمرت في التعاون مع موسكو في إطار (أوبك بلس) بعد أن عارضت خفض أسعار الطاقة العالمية.

صورة عامة لقادة الدول المشاركة في لقاء قمة لمنظمة شنغهاي في سبتمبر/أيلول الماضي (وكالات)

العلاقات الدولية

ويحدد كركودينوف المعضلة التي تواجه مسألة تشكيل تحالفات أو تفاهمات روسية مع البلدان الأخرى، موضحا أنها على خلاف ما كان عليه الحال خلال الحقبة السوفياتية، حيث لا تمتلك موسكو حتى اللحظة عناصر ثابتة ومعززة بقاعدة أيديولوجية، فضلا عن أنها مبنية على صراعات وأزمات، يمكن أن تنتهي أو تتبدل مع مرور الوقت، تبعًا للمعطيات الجديدة التي قد تنشأ على الساحة الدولية.

من جهة أخرى، يتابع كركودينوف أنه لا توجد مشاكل في العلاقات مع دول جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، معلقا “كلهم يرون تمامًا النفاق الهائل والمعايير المزدوجة للغرب، ويتذكرون جيدًا كيف بنى الغرب إمبراطورياته الاستعمارية على نهب بلدانهم، وهو ما لا ينطبق على علاقات هذه الدول مع روسيا في كافة مراحل التاريخ”.

ورغم ذلك، فإنه لا ينكر أن “تراجع أو فشل الحملة العسكرية في أوكرانيا قد يعقد من عملية بحث موسكو عن حلفاء، وبالتالي، يتوقف جزء كبير من مستقبل هذه التحالفات على نتائج الحرب مع كييف”.

وفي العموم، يرى كركودينوف أن روسيا تمكنت من تغطية جزء كبير من العقوبات عبر علاقاتها الدولية، ومن خلال الاستفادة من روابط التحالفات القائمة في إطار “منظمة شنغهاي للتعاون”، والتي بحسب رأيه، تسود قناعة لديها أنه لا يوجد في العالم المعاصر أحد محصن ضد الضغوط والعقوبات الأميركية والأوروبية.

(From L to R) Presidents Serzh Sargsyan of Armenia, Alexander Lukashenko of Belarus, Nursultan Nazarbayev of Kazakhstan, Almazbek Atambayev of Kyrgyzstan, Vladimir Putin of Russia, Emomali Rahmon of Tajikistan and the organization's Secretary General Nikolai Bordyuzha, pose for an official photo of the Summit of Head of States of the Collective Security Treaty Organisation (CSTO) in Moscow, December 19, 2012. REUTERS/Maxim Shemetov (RUSSIA - Tags: POLITICS)
جانب من لقاء القمة لدول منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا (رويترز)

حلفاء مع وقف التنفيذ

أما الكاتب السياسي ألكسندر سافيلييف فيحمل وجهة نظر أكثر تحفظًا، ويقول إنه مع دخول الصراع مع الغرب مرحلة حادة، فإنه يجب على روسيا الاعتماد على نفسها فقط، حيث يعزز اعتقاده معلقا “لم تعرب أي من الدول أو القوى أو المنظمات الكبرى عن دعم لا غبار عليه للعملية العسكرية في أوكرانيا، ناهيك عن تقديم المساعدة العسكرية أو الإنسانية للجانب الروسي”.

ويفسر ذلك بـ”الخوف” من الولايات المتحدة وحالة عدم اليقين تجاه سيناريوهات تطور الصراع بين روسيا والغرب، والتي لا تلقي بظلالها على وسائل الإعلام فقط، بل على الدوائر الحاكمة في معظم تلك البلدان، بحسب تعبيره.

علاوة على ذلك، يلفت سافيلييف إلى نقطة أخرى مفادها: “روسيا وعلى مر التاريخ لطالما تُركت وجهًا لوجه مع العنصرية الاستعمارية، وتحملت شبه وحيدة ثمن المواجهة معها، بينما الوضع يبدو أكثر تعقيدًا الآن بسبب أن الاقتصاد الروسي غير مكتفٍ ذاتيًّا وليس وطنيًّا بعد، فضلًا عن أن السلطات ووسائل الإعلام مليئة بوكلاء النفوذ الغربي”.

ويتابع أن “جزءًا من الرأي العام الروسي، بل ومن داخل النخبة السياسية لا يفهمون الحقائق الجديدة على الساحة الدولية، ويعتقدون أنه في يوم من الأيام ستعود المياه إلى مجاريها مع الغرب، ويسعون جاهدين لخلق ظروف مواتية للمفاوضات”، لافتا إلى أنهم “منفتحون دائمًا على الاتصالات مع الشركاء، رغم أنهم (الشركاء) لم يعودوا يخفون أنهم يريدون تدميرنا”.

وفي السياق، يتساءل عن عدم اعتراف الدول الحليفة، على سبيل المثال، بشبه جزيرة القرم وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، فضلا عن دونيتسك ولوغانسك، منوها إلى الوعود الرسمية بإرسال متطوعين للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.

ويختتم سافيلييف بأن تكوين تحالفات جديدة تعاني من مشكلة حساسة تتمثل بأن الحلفاء المحتملين واجهوا خيارًا صعبًا تمثل إما بدعم موسكو أو إبعاد أنفسهم عنها، لافتا إلى أن الحديث يتعلق بشكل خاص بالدول المشاركة في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم بالإضافة إلى روسيا كلا من بيلاروسيا وأرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، التي وجدت نفسها في وضع صعب للغاية، بحسب تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى