آي بيبر: هجوم ترامب على فنزويلا قد يشعل فتيل حرب أهلية

تصاعدت المخاوف الدولية بشأن احتمال انزلاق فنزويلا إلى صراع مسلح واسع النطاق، وذلك في ظل التهديدات المتزايدة من الولايات المتحدة بشن عمليات عسكرية على الأراضي الفنزويلية. وتأتي هذه التحذيرات بعد سلسلة من الغارات الجوية الأمريكية التي استهدفت قوارب في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، مما أثار غضبًا واسعًا وأعرب محللون عن قلقهم من أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى حرب أهلية في فنزويلا ويجر المنطقة بأكملها إلى حالة من عدم الاستقرار.
وتشير التقارير إلى أن هذه الغارات، التي بدأت في سبتمبر/أيلول الماضي، تذرع بمكافحة تهريب المخدرات، لكنها تثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية للولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقد أدت هذه التطورات إلى حشد عسكري أمريكي ملحوظ في المنطقة، بما في ذلك نشر حاملة الطائرات “جيرالد فورد” بالقرب من السواحل الفنزويلية.
تهديدات أمريكية وتداعيات حرب أهلية في فنزويلا
ويؤكد خبراء الأمن الدولي أن أي هجوم بري أمريكي على فنزويلا، سواء عبر قوات عسكرية تقليدية أو ضربات جوية، قد يشعل فتيل صراع دامٍ بين مختلف القوى المتصارعة داخل البلاد. وتشمل هذه القوى الحكومة الفنزويلية بقيادة نيكولاس مادورو، ومعارضة تدعمها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى جماعات مسلحة مختلفة لها أجنداتها الخاصة.
وبحسب الباحث كارلوس سولار من مؤسسة المعهد الملكي للخدمات المتحدة، فإن هذا التصعيد يمثل أخطر تدخل أمريكي في أمريكا اللاتينية منذ انقلاب هاييتي عام 2004. ويضيف سولار أن الولايات المتحدة قد تستغل الوضع لتعزيز نفوذها في المنطقة وتقويض الحكومات التي تعتبرها معادية لمصالحها.
ومع ذلك، تستبعد الخبيرة أنيت إيدلر، الأستاذة المساعدة في الأمن العالمي بجامعة أكسفورد، احتمال غزو أمريكي واسع النطاق في الوقت الحالي، نظرًا للتكاليف السياسية واللوجستية والإنسانية الباهظة التي قد تنجم عنه. وترى إيدلر أن واشنطن قد تفضل اتباع استراتيجية أكثر محدودية، مثل دعم المعارضة الفنزويلية أو فرض عقوبات اقتصادية إضافية.
الدوافع المحتملة للإطاحة بمادورو
وترى بعض التحليلات أن هدف الولايات المتحدة الرئيسي هو الإطاحة بنظام مادورو، الذي تتهمه بدعم الإرهاب والتورط في تهريب المخدرات وتقويض الديمقراطية. ويشير تقرير نشره موقع “آي بيبر” البريطاني إلى أن ستيفن ميلر، مستشار الرئيس ترامب، يلعب دورًا رئيسيًا في صياغة هذه الاستراتيجية المتشددة تجاه فنزويلا.
ويعتقد ميلر، المعروف بمواقفه المتطرفة بشأن الهجرة، أن فنزويلا تمثل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي بسبب تدفقات المخدرات والهجرة غير الشرعية. ويقول مراقبون إن هذه الاستراتيجية تستغل المخاوف الأمنية لتعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة.
في المقابل، يرى آخرون أن الولايات المتحدة تسعى إلى السيطرة على احتياطيات النفط الهائلة في فنزويلا، والتي تعتبر من بين الأكبر في العالم. ويشيرون إلى أن الشركات الأمريكية قد تستفيد بشكل كبير من استغلال هذه الاحتياطيات في حال تغيير النظام في فنزويلا.
تداعيات إقليمية محتملة
تحذر الخبراء من أن اندلاع حرب أهلية في فنزويلا قد يكون له تداعيات إقليمية وخيمة، حيث قد يؤدي إلى تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة، مثل كولومبيا والبرازيل، وزيادة التوترات بين الدول المختلفة في المنطقة. كما أن هناك خطرًا من أن يتدخل دول أخرى في الصراع، مما قد يؤدي إلى توسيع نطاقه وتحويله إلى صراع إقليمي أوسع.
وتشير التقارير إلى أن فنزويلا قد تلجأ إلى حلفائها، مثل روسيا والصين وكوبا، للحصول على الدعم في حال تعرضها لهجوم خارجي. ومع ذلك، لا يرجح الخبراء أن يتدخل هؤلاء الحلفاء بشكل مباشر في الصراع، نظرًا للمخاطر الجيوسياسية الكبيرة التي قد تنجم عن ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال من أن تستخدم الولايات المتحدة قواعدها العسكرية في أمريكا اللاتينية، مثل تلك الموجودة في بورتوريكو وهندوراس وكوبا، في حال اندلاع حرب. كما أنها قد تسعى إلى الحصول على دعم من دول أخرى في المنطقة، مثل كولومبيا والبيرو.
المستقبل المجهول
في الختام، يبقى مستقبل فنزويلا غامضًا وغير مؤكد. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن البلاد تقترب بشكل متزايد من حافة الهاوية، وأن خطر اندلاع حرب أهلية في فنزويلا أصبح حقيقيًا للغاية. ومن المتوقع أن تشهد الأيام والأسابيع القادمة مزيدًا من التوترات والتصعيد، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ويجب على المجتمع الدولي أن يبذل جهودًا مكثفة لمنع وقوع كارثة إنسانية في فنزويلا، والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة.





