Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
منوعات

أردت أن أبصر

معظم المشاكل التي نعاني منها سببها تفكيرنا، وأقصد تحديداً التفكير السلبي الذي نقوم بطريقة أو أخرى خلاله باستحضار جوانب وأحداث لا أساس لها في الواقع، ثم نضعها وكأنها الواقع البديهي، إن عملية القلق التي نعاني منها سببها أن تسعين بالمئة من أمورنا تسير في الطريق الصحيح، ولكن عشرة منها تشذ عن الطريق، فإذا أردت أن تكون سعيداً فركز اهتمامك في هذه التسعين في المئة من أمورك.

كان الكاتب جوناثان سويفت مؤلف رحلات جليفر من أشد الأدباء الإنجليز إغراقاً في التشاؤم حتى إنه كان يرتدي الحداد في أعياد ميلاده، وبرغم ذلك فقد امتدح البهجة والسعادة فقال: «إن أفضل الأطباء في هذا العالم هي ثلاثة: الغذاء، والسلام، والانشراح».
 التفكير السلبي لا يقود إلا إلى الإحباط، والغضب، والنرفزة، وتكون النفسية جاهزة للانفجار أمام أي معضلة أو عقبة حقيقية قد تواجهنا وتحتاج للهدوء والتفكير العميق لحلها، وهناك كلمة في هذا السياق: «إن كل ما يبديه المرء من تصرفات ليست إلا تعبيراً عن الأفكار التي تجول في وعيه»، فكل فكرة سلبية تدور من حولنا تتحول إلى سلوك وعادة سلبية قد نعتاد عليها، ولكن ماذا لو استبدلنا تلك الأفكار السلبية بأخرى إيجابية مثل السعادة والسرور والصحة والمحبة؟. 

 أسوق لكم قصة كاتبة الكتاب الملهم «أردت أن أبصر» لمؤلفته بورغيلد دال التي كانت تعيش حياتها عمياء وقد كتبت في كتابها: «كنت أبصر بعين واحدة، وكانت عيني الواحدة مغشاة بالسحب الكثيفة فإذا أردت أن أقرأ كتاباً قربته لعيني حتى يوشك أن يلتصق بوجهي»، لقد كانت بورغيلد ترفض أن يشفق عليها أحد وكانت في طفولتها تتوق أن تلعب مع الأطفال لعبة الحجلة ولكن ضعف نظرها كان يمنعها من ذلك، لذلك عندما ينصرف الأطفال إلى منازلهم كانت تركع على الأرض وتحاول حفظ العلامات المرسومة وأوضاعها وطريقة رسمها حتى استطاعت أن تبرع في اللعبة، كما كانت تمضي كل وقتها في قراءة القصص وتطالع الكتب ذات الحروف الكبيرة حتى استطاعت أن تحصل على درجة الليسانس من جامعة مينيسوتا والماجستير في الآداب من جامعة كولومبيا واشتغلت بالتدريس وأصبحت أستاذة في الصحافة والأدب وكانت تحاضر بأندية السيدات وتذيع من محطات الإذاعة معقبة على الكتب والمؤلفات، وعندما بلغت الخمسين حدثت لها معجزة فقد أجريت لها جراحة أعادت لها بصرها وفتحت لها حياة جديدة وأصبحت تجد السعادة والسرور في غسل الأطباق في مطبخ منزلها وقالت كلمتها: «إنني أداعب فقاقيع الصابون وأغسل الأطباق فأمد يدي إلى قاع الطبق لألتقط فقاعة صغيرة ثم أجمع الفقاقيع في قبضتي وأدنيها من الضوء فأرى ألوان قوس قزح تبرق وتلتمع.. وقد أتطلع من نافذة المطبخ فأبصر عصفوراً يشق طريقه من الفضاء وسط الجليد المتساقط وأتبين لون جناحيه الرماديين ليملأني السرور ويستخفني الطرب»، أتوقع أننا بحاجة لإحصاء نعم الله علينا فلدينا من النعم التي تجعلنا نستحضر كل فكرة إيجابية في حياتنا حتى يمكننا أن نقهر القلق ونبدأ الحياة بروح متفائلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى