أطباء بلا حدود تحذر من تهديد إسرائيلي لأنشطتها الإنسانية بغزة

حذرت منظمة أطباء بلا حدود، اليوم الاثنين، من أن الإجراءات الإسرائيلية الجديدة المتعلقة بتسجيل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة قد تعيق بشكل كبير تقديم المساعدات الإنسانية، وتهدد بوقف الوصول إلى الرعاية الصحية الضرورية للمئات من آلاف الفلسطينيين. وتأتي هذه المخاوف في ظل تدهور مستمر للأوضاع الإنسانية في المنطقة المحتلة، وزيادة الاعتماد على المنظمات الدولية لتوفير الاحتياجات الأساسية.
وأعربت المنظمة عن قلقها العميق إزاء القواعد الجديدة، التي قد تحرم مئات الآلاف من سكان غزة من الحصول على الرعاية الصحية المنقذة للحياة بحلول عام 2026، وفقًا لتقديرات المنظمة. تأتي هذه التطورات بعد تقارير تفيد بأن إسرائيل تفرض شروطًا تعجيزية على المنظمات العاملة في المنطقة، مما يزيد من صعوبة وصول المساعدات للمحتاجين.
الشروط الجديدة لتسجيل المنظمات الإنسانية
بدأت بوادر الأزمة تتضح في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مع الكشف عن إجراءات إسرائيلية تُلزم المنظمات بتقديم تفاصيل دقيقة وموسعة عن موظفيها، سواء كانوا فلسطينيين أو أجانب، وعائلاتهم. ويشمل ذلك معلومات شخصية وحساسة، وهو ما أثار انتقادات واسعة من جهات دولية ومنظمات حقوقية.
صلاحيات واسعة لوزارة الشتات
وبحسب صحيفة “هآرتس” العبرية، فقد نُقل اختصاص تسجيل هذه المنظمات إلى “وزارة الشتات” برئاسة عميحاي شيكلي، والتي باتت تتمتع بصلاحيات واسعة لرفض الطلبات بناء على معايير سياسية. وتشمل هذه المعايير، على سبيل المثال، إنكار وجود إسرائيل كدولة “يهودية وديمقراطية”، أو دعم ملاحقة مواطنين إسرائيليين أمام المحاكم الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.
أدى هذا التغيير إلى حالة من عدم اليقين بين المنظمات الدولية، حيث يخشى الكثيرون من أن يتم استهدافهم بناء على مواقفهم السياسية أو نشاطهم الإنساني. ويؤثر هذا بشكل مباشر على قدرتهم على تقديم المساعدة للفلسطينيين الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة.
تأثير على وصول المساعدات الإنسانية
وفقًا لتقارير إعلامية، رفضت الوزارة حتى الآن 14 طلبًا من أصل 100، بينما لا تزال طلبات منظمات كبرى مثل “أوكسفام” و”أنقذوا الأطفال” والمجلس النرويجي للاجئين قيد الانتظار منذ أشهر. هذا التأخير والرفض يهددان بتعطيل البرامج الإنسانية الحيوية، في وقت يزداد فيه الحاجة إليها.
الوضع يزداد تعقيدًا في ظل استمرار إسرائيل في فرض قيود مشددة على دخول المساعدات الإغاثية والطبية إلى غزة، حتى مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتفيد الإحصاءات بأن الخروقات الإسرائيلية المستمرة للاتفاق أسفرت عن استشهاد 401 فلسطيني وإصابة أكثر من 1100 آخرين منذ بدء التهدئة. وقد أثرت هذه القيود بشكل كبير على قدرة المنظمات الدولية على الوصول إلى المحتاجين وتقديم المساعدة اللازمة.
تذكر منظمة أطباء بلا حدود أنها قدمت حوالي 800 ألف استشارة طبية خلال عام 2025 في قطاع غزة، وتعاملت مع أكثر من 100 ألف حالة إصابة بليغة. تؤكد المنظمة أن الاستجابة الإنسانية الحالية لا يمكنها تحمل “مزيد من التفكيك”، مشيرة إلى أن هذه الإجراءات الجديدة ستزيد من إعاقة جهودها في تقديم الرعاية الصحية للشعب الفلسطيني.
الوضع الصحي المتردي في غزة و الضفة الغربية
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه النظام الصحي في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة انهيارًا شبه كامل، بسبب القصف المستمر والنزوح الجماعي ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف المستشفيات في غزة خارج الخدمة، ويعاني ما تبقى منها من نقص حاد في الكادر الطبي والموارد.
وتثير هذه القيود الإسرائيلية مخاوف جدية بشأن قدرة المنظمات الدولية على مواصلة عملها في المنطقة، وتقديم الرعاية الصحية الأساسية للملايين من الفلسطينيين. هذا يعرض حياة الكثيرين للخطر، ويزيد من المعاناة الإنسانية التي يعيشها السكان في غزة والضفة الغربية.
من المتوقع أن تواصل وزارة الشتات الإسرائيلية مراجعة طلبات تسجيل المنظمات الدولية، وقد تصدر قرارات جديدة في الأسابيع القادمة. يجب مراقبة كيفية تطبيق هذه القواعد الجديدة، وتأثيرها على وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين. كما يجب الانتباه إلى ردود الفعل الدولية على هذه الإجراءات، وسبل الضغط على إسرائيل لتخفيف القيود والسماح للمنظمات الدولية بالقيام بعملها دون عوائق.





