أطباء بلا حدود: عشرات الآلاف من سكان غزة يحتاجون إلى الإجلاء الطبي

ناشد مسؤول في منظمة “أطباء بلا حدود” المجتمع الدولي بضرورة الإسراع في السماح بإجلاء المرضى من قطاع غزة، حيث تزداد الحاجة الماسة للعلاج خارج القطاع مع استمرار الأزمة الإنسانية. ووفقًا للمنظمة، توفي أكثر من 900 شخص ينتظرون الحصول على الإجلاء الطبي منذ أكتوبر 2023، في حين أن الآلاف ما زالوا في قوائم الانتظار. هذه القضية الحساسة تتعلق بشكل رئيسي بالإجلاء الطبي من غزة، وتستدعي تحركًا عاجلًا من قبل الدول المعنية.
هاني إسليم، منسق عمليات الإجلاء الطبي من غزة لصالح “أطباء بلا حدود”، صرح بأن الاستجابة الدولية الحالية “لا تشكل سوى قطرة في محيط” مقارنةً بالاحتياجات الهائلة. وأشار إلى أن هناك عددًا كبيرًا من المرضى الذين لم يتم تسجيلهم بعد، مما يزيد من تعقيد الوضع. بينما تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى إجلاء أكثر من 8 آلاف مريض، يظل أكثر من 16500 آخرين بحاجة ماسة للعلاج في الخارج.
أزمة الإجلاء الطبي من غزة تتفاقم
تأتي هذه المناشدات في ظل تدهور سريع للوضع الصحي في غزة بسبب القتال المستمر، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية. وقد أدى ذلك إلى زيادة أعداد الجرحى والمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية متخصصة غير متوفرة في المستشفيات المحلية المتضررة. وتشكل القيود المفروضة على حركة الأفراد والبضائع عبر معبر رفح تحديًا كبيرًا لعمليات الإجلاء.
تباطؤ عمليات الإجلاء
على الرغم من الجهود المبذولة، يشير إسليم إلى تباطؤ ملحوظ في عمليات الإجلاء. ففي حين تم تنفيذ 148 عملية إجلاء في أكتوبر، انخفض العدد إلى 71 عملية في نوفمبر، ومن المتوقع أن يقتصر على حوالي 30 عملية فقط في ديسمبر الحالي. هذا الانخفاض يثير قلقًا بالغًا بشأن مصير المرضى الذين تتدهور حالتهم الصحية مع مرور الوقت.
تكمن المشكلة الرئيسية، بحسب إسليم، في الإجراءات البيروقراطية المعقدة والمسيسة التي تتبعها الدول قبل الموافقة على استقبال المرضى. يقول إن الدول تستغرق وقتًا طويلاً في اتخاذ القرارات وتخصيص الموارد، وهو وقت لا يملكه المرضى. هذه التأخيرات تزيد من خطر الوفاة بين المرضى الذين ينتظرون.
قيود ومعايير صارمة على الإجلاء
بالإضافة إلى التأخير في اتخاذ القرارات، تفرض الحكومات قيودًا صارمة على من يمكن إجلاؤه. وفقًا لإسليم، “99.9% من البلدان تطلب الأطفال”، متجاهلةً بذلك حاجة البالغين الماسة للعلاج. والجدير بالذكر أن ثلاثة أرباع المرضى الذين ينتظرون الإجلاء تتجاوز أعمارهم 18 عامًا.
تُشترط معايير إضافية، بما في ذلك رفض استقبال المرضى المصحوبين بأفراد عائلاتهم، خاصةً إذا كان لديهم أشقاء بالغون. تعتبر هذه القيود بمثابة “قائمة تسوق” تختار من تنقذه ومن تتركه للموت، بحسب وصفه. وهي تعيق بشكل كبير الجهود المبذولة لتقديم المساعدة الطبية للمحتاجين.
الوضع الصحي العام في قطاع غزة يثير مخاوف متزايدة. تتعامل المستشفيات القليلة المتبقية مع أعداد هائلة من الجرحى والمرضى، في حين أن نقص الأدوية والمعدات الطبية يعيق قدرتها على تقديم الرعاية اللازمة. هذا النقص يفاقم الوضع الإنساني ويجعل الإجلاء الطبي ضرورة ملحة.
الأزمة تتزامن مع تصاعد المخاوف بشأن انتشار الأمراض المعدية بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية. وتشير التقارير إلى ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض التنفسية والأمراض الجلدية بسبب نقص المياه النظيفة والصرف الصحي. هذه الأمراض تشكل تهديدًا إضافيًا للمرضى الذين يحتاجون إلى علاج متخصص.
وقد ناشدت العديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأطراف المتنازعة بضمان وصول المساعدات الطبية إلى غزة والسماح بإجلاء المرضى المحتاجين. وأكدت هذه المنظمات على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين.
بالنظر إلى الوضع الحالي، من المتوقع أن يستمر الضغط على الدول لفتح حدودها لقبول المرضى من غزة. ومع ذلك، فإن مستقبل عمليات الإجلاء يظل غير مؤكدًا، حيث تعتمد على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة. يبقى التحدي الأكبر هو تسريع الإجراءات البيروقراطية وتلبية الاحتياجات الملحة للمرضى قبل فوات الأوان. يجب مراقبة تطورات معبر رفح عن كثب، وكذلك أي مبادرات دولية جديدة لزيادة عمليات الإجلاء.