ألمانيا في مواجهة عواصف اقتصادية واحتجاجات عمالية
4/11/2024–|آخر تحديث: 4/11/202405:42 م (بتوقيت مكة المكرمة)
وسط تفاقم الأزمات الاقتصادية والتوترات العمالية، تواجه الحكومة الألمانية ضغوطا متزايدة من اتحادات العمال والصناعات، الذين يطالبون بتدخلات حاسمة لإعادة إحياء الاقتصاد وتحقيق التوازن بين النمو الصناعي والقدرة التنافسية.
إضرابات تحذيرية
وتواصل نقابة “آي جي ميتال”، أكبر نقابة عمالية في ألمانيا، تنظيم إضرابات تحذيرية في عدة ولايات، بهدف الضغط في نزاع الأجور مع أرباب العمل في قطاعي المعادن والإلكترونيات.
وتطالب النقابة بزيادة الأجور بنسبة 7% لما يقرب من 3.9 ملايين موظف، مع عقد لمدة عام واحد، بينما يعرض أصحاب العمل زيادة بنسبة 1.7% فقط اعتبارا من يوليو/تموز القادم، في صفقة تمتد لـ27 شهرا. وأدت هذه الاختلافات الكبيرة في الشروط المقترحة إلى احتدام الصراع بين النقابة وأرباب العمل.
واليوم الاثنين، نظم عمال مصانع كبيرة مثل شركة “ليندا” في مدينة أشافنبورغ وشركة “مان” في مدينة أوغسبورغ إضراباتهم التحذيرية، إضافة إلى احتجاجات مشابهة في ساكسونيا تشمل شركات مثل “كونيش آند باور” و”أوما درايفز”.
كما نظمت مسيرات بمشاركة عمال من شركات أخرى لدعم مطالب النقابة، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية والتشغيلية على المصانع وأرباب العمل في ألمانيا.
دعوات لإصلاحات اقتصادية
وبالتزامن مع الإضرابات العمالية، يطالب اتحاد الصناعات الألمانية الحكومة بتطبيق إصلاحات هيكلية شاملة وفعالة لمواجهة الانكماش الاقتصادي المتزايد.
وأكدت تانيا جونر، المديرة التنفيذية للاتحاد، ضرورة إعادة توجيه السياسة الاقتصادية نحو دعم الصناعة، قائلة: “لقد حان الوقت لتغيير النهج تجاه الصناعة في ألمانيا”. هذا يأتي وسط تزايد التوتر داخل الائتلاف الحاكم حول المسار الصحيح للسياسات الاقتصادية.
وفيما يعكس هذا التوتر، دعا وزير المالية كريستيان ليندنر، من الحزب الديمقراطي الحر، إلى إعادة صياغة جذرية للسياسات الرئيسية، مما دفع بحزبه إلى طلب اجتماع رفيع المستوى مع اتحادات اقتصادية لبحث مستقبل النمو والتنافسية.
وفي هذا السياق، دعت جونر إلى توسيع مبادرة النمو الحكومية لتشمل تخفيف تكاليف الطاقة، وتعزيز القدرة التنافسية، وإدخال تدابير مثل التمويل المشترك لرسوم شبكات الطاقة، وتصميم سوق كهرباء جديد يدعم أمن الإمدادات.
خارطة طريق طويلة الأجل
وعلاوة على التدابير قصيرة الأجل، يضغط القطاع الصناعي من أجل وضع خارطة طريق طويلة الأجل تتجاوز الأطر الحزبية والفترات الانتخابية.
وتدعو هذه الخارطة إلى تقليل البيروقراطية وتقديم نظام ضريبي يشجع الاستثمار، وتنفيذ إصلاحات شاملة للبنية التحتية لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاعتبارات البيئية. كما شددت جونر على ضرورة تسريع إجراءات التخطيط والموافقة على المشاريع الصناعية، مما سيسهم في جذب الاستثمارات والحفاظ على القدرة التنافسية للشركات الألمانية.
وفي ضوء هذه الضغوط والتوترات المتصاعدة، تجد حكومة المستشار أولاف شولتس نفسها أمام تحديات معقدة للاستجابة لمطالب العمال وتوقعات القطاع الصناعي، مما يضع الاقتصاد الألماني في مفترق طرق حاسم يستدعي قرارات إستراتيجية وفعّالة للحفاظ على استقراره وديناميكيته الاقتصادية.
وأظهرت دراسة جديدة أجرتها غرفة التجارة والصناعة الألمانية أن ثلث الشركات الصناعية في البلاد و40% من الشركات الأخرى تخطط لتقليل استثماراتها داخل ألمانيا، في مؤشر مقلق على تراجع الاستثمارات الصناعية.
وبحسب الدراسة، فإن 19% فقط من الشركات الصناعية تصف وضعها الحالي بالجيد، بينما تصف 35% منها وضعها بالسيئ.