في ظل التطورات الرقمية العالمية، تسعى باكستان إلى تعزيز مكانتها كمركز صاعد للاقتصاد الرقمي. وتعمل الحكومة الباكستانية على تنفيذ إصلاحات شاملة وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، بهدف جذب الاستثمارات وتعزيز النمو في قطاع الاقتصاد الرقمي. هذا التحول يهدف إلى خلق فرص عمل جديدة وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، بالإضافة إلى زيادة القدرة التنافسية للبلاد على الساحة الدولية.
تأتي هذه الجهود في وقت يشهد فيه العالم تحولاً متسارعاً نحو الرقمنة، مما يجعل الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار أمراً ضرورياً لتحقيق التنمية المستدامة. وتعتبر باكستان، بفضل تعدادها السكاني الشاب وقدراتها المتنامية في مجال تكنولوجيا المعلومات، سوقاً واعدة للشركات والمستثمرين في هذا المجال.
رؤية باكستان لتطوير الاقتصاد الرقمي
أكدت وزيرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الباكستانية، شذى فاطمة خواجة، أن باكستان تتبنى رؤية طموحة لتطوير قطاع التكنولوجيا والاتصالات، وأن الحكومة تعمل على وضع أطر استراتيجية واضحة لتحقيق هذا الهدف. وتشمل هذه الرؤية بناء منظومة متكاملة للبيانات والبنية التحتية الرقمية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.
وأضافت الوزيرة أن الحكومة تولي اهتماماً خاصاً بتنمية رأس المال البشري، من خلال توفير برامج تدريبية واسعة النطاق في مجال المهارات الرقمية. وتهدف هذه البرامج إلى إعداد جيل جديد من الكفاءات القادرة على قيادة عملية التحول الرقمي في البلاد.
الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية
تستثمر باكستان بشكل كبير في تطوير البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك شبكات الجيل الرابع والخامس، والكابلات البحرية، ومراكز البيانات. ووفقاً للوزيرة خواجة، فإن باكستان ستصل إلى 9 كابلات بحرية خلال العام المقبل، مما سيعزز سعة الاتصال الدولي للبلاد ويقلل من المخاطر.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على تحديث وتحسين الشبكات الوطنية، ورفع كفاءة المنظومة، وتحسين جودة الخدمة للمستخدمين. وتعتبر هذه الاستثمارات ضرورية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التكنولوجيا والاتصالات.
تطوير الخدمات الرقمية
تسعى باكستان إلى رقمنة جميع الخدمات الحكومية، وتسهيل الوصول إليها للمواطنين. وقد تم بالفعل رقمنة نسبة كبيرة من هذه الخدمات، وتعمل الحكومة على استكمال رقمنة ما تبقى. بالإضافة إلى ذلك، تشجع الحكومة المدفوعات الرقمية، وتعمل على تطوير الخدمات المالية الرقمية.
وتشمل هذه الجهود تطوير تطبيقات الهاتف المحمول، وتوفير خدمات الدفع الإلكتروني، وتسهيل الحصول على التمويل للشركات الناشئة. وتهدف هذه المبادرات إلى تعزيز الشمول المالي، وتشجيع الابتكار في القطاع المالي.
مشاركة باكستان في مؤتمر “إم دبليو سي” 2025
شاركت باكستان بنشاط في مؤتمر “إم دبليو سي” 2025 الذي عقد في الدوحة، حيث عرضت أحدث التطورات في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا في البلاد. وأكدت الوزيرة خواجة أن المؤتمر أتاح فرصة مميزة لعرض خطط باكستان لتحديث البنية التحتية الرقمية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وشددت الوزيرة على أهمية التعاون الدولي في مجال التكنولوجيا والاتصالات، وأعربت عن استعداد باكستان للتعاون مع جميع الدول والمنظمات المعنية لتبادل الخبرات والمعرفة، وتعزيز الابتكار في هذا المجال. كما أشارت إلى أن المؤتمر ساهم في إبراز دور باكستان كمركز إقليمي للاتصالات والتكنولوجيا.
وتشير التقديرات إلى أن قطاع التحول الرقمي في باكستان يشهد نمواً مطرداً، وأن الحكومة تتوقع أن يساهم هذا القطاع بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في السنوات القادمة. وتعتبر الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية، وتنمية رأس المال البشري، وتطوير الخدمات الرقمية، من العوامل الرئيسية التي ستساهم في تحقيق هذا الهدف.
من المتوقع أن تعلن الحكومة الباكستانية عن حزمة جديدة من الإجراءات والسياسات لدعم قطاع التكنولوجيا والاتصالات في الأشهر القادمة. وستركز هذه الإجراءات على تسهيل إجراءات تأسيس الشركات الناشئة، وتوفير التمويل اللازم لها، وتشجيع الابتكار في هذا المجال. كما ستعمل الحكومة على تعزيز التعاون بين الجامعات والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص، بهدف تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة تلبي احتياجات السوق.
