اتهامات إثيوبية لمصر تثير جدلا واسعا على المنصات

أثار بيان صادر عن مكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، يتهم فيه مصر بالتمسك بعقلية الحقبة الاستعمارية في ملف سد النهضة، جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وبين المراقبين السياسيين. البيان، الذي نُشر أمس الأربعاء، يمثل تصعيداً في التوتر القائم بين البلدين حول إدارة مياه النيل، ويطرح تساؤلات حول مستقبل المفاوضات المتعثرة. هذا الخلاف المستمر يؤثر على الاستقرار الإقليمي ويهدد التعاون في منطقة القرن الأفريقي.
ووفقاً للبيان، فإن التصريحات المتكررة الصادرة عن مسؤولين مصريين تعكس “تشبث القاهرة بالحقبة الاستعمارية وفشلها في مواكبة حقائق القرن الحادي والعشرين”. وأشارت الخارجية الإثيوبية إلى أن المسؤولين المصريين يعتقدون أن لبلادهم “حقاً حصرياً في مياه النيل استناداً إلى معاهدات قديمة”، ويزعمون حقوقاً تاريخية لا أساس لها. هذا التصعيد يأتي في وقت حرج، حيث تسعى الأطراف المعنية إلى إيجاد حلول دبلوماسية للخلاف.
خلفيات الخلاف حول سد النهضة
يعود الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي إلى سنوات، حيث تعبر مصر عن مخاوفها بشأن تأثير السد على حصتها السنوية من مياه النيل. تعتمد مصر بشكل كبير على مياه النيل في الزراعة والشرب والصناعة، وتخشى أن يؤدي ملء السد إلى تقليل تدفق المياه.
بينما تؤكد إثيوبيا أن السد يهدف إلى توليد الطاقة الكهرومائية لتلبية احتياجاتها المتزايدة، وأنها ملتزمة بعدم الإضرار بمصالح الدول الأخرى. وتشير أديس أبابا إلى أن السد سيعزز التنمية الاقتصادية في إثيوبيا ويساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي. إدارة الموارد المائية هي جوهر هذا النزاع.
اتهامات متبادلة وتصعيد دبلوماسي
وأضاف البيان الإثيوبي أن تصريحات المسؤولين المصريين تتضمن “رفضاً قاطعاً للحوار وتلويحاً بتهديدات مباشرة وغير مباشرة”. واتهمت الخارجية الإثيوبية مصر بأنها دأبت على اتباع سياسة تهدف إلى إبقاء دول القرن الأفريقي ضعيفة ومجزأة لخدمة مصالحها، في محاولة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، لا سيما في إثيوبيا.
في المقابل، اعتبر مدونون مصريون أن البيان الإثيوبي “تعدٍّ على كل حدود اللياقة والحكمة، وخروج عن الأعراف الدبلوماسية”. وأشاروا إلى أنه يتضمن “تجنياً على موقف مصر من الدفاع عن حقها في مياه النيل، ورفضها السيطرة الإثيوبية، وعدم الاعتراف بالاتفاقات الدولية”. كما اتهموا إثيوبيا بمحاولة كسب الرأي العام الداخلي من خلال الخطاب التصعيدي.
ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي
أثار البيان الإثيوبي سجالاً واسعاً بين نشطاء البلدين على منصات التواصل الاجتماعي. تباينت القراءات والتفسيرات حول خلفيات البيان ودلالاته. وتداول المستخدمون وسمات مختلفة للتعبير عن آرائهم حول القضية.
ورأى بعض المغردين أن البيان الإثيوبي يعتمد على “خلط متعمد للحقائق”، مؤكدين أن مصر لم ترفض مبدأ التنمية في إثيوبيا، لكنها تطالب بضمانات واضحة تمنع الإضرار بحصتها المائية. بينما اعتبر آخرون أن البيان يمثل “رداً مناسباً” من إثيوبيا، مؤكدين حق بلادهم في إدارة مواردها الطبيعية داخل حدودها.
كما أعرب بعضهم عن مخاوف من أن يؤدي الخطاب الإثيوبي إلى زيادة التوتر الإقليمي بدلاً من الدفع نحو حلول دبلوماسية مستدامة. وتداول مغردون مقاطع فيديو وتحليلات حول تاريخ العلاقات المصرية الإثيوبية وتأثير السياسة الخارجية على القضية.
يذكر أن مصر تعترض على آلية تشغيل سد النهضة الإثيوبي، وتتمسك بالحفاظ على حصتها من مياه النيل، والتي تستند لاتفاقيات موقعة مع السودان عام 1959. وتعتبر القاهرة أن هذه الاتفاقيات تشكل أساساً قانونياً لحقوقها في مياه النيل.
في الوقت الحالي، لا توجد مؤشرات واضحة على استئناف المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان. ومن المتوقع أن تستمر الأطراف المعنية في تبادل الاتهامات والمواقف المتصلبة. يبقى التوصل إلى اتفاق شامل وملزم بشأن إدارة مياه النيل هو التحدي الأكبر الذي يواجه المنطقة.
من المرجح أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من التطورات في هذا الملف، مع احتمال تدخل أطراف إقليمية ودولية لتهدئة التوتر وإعادة المفاوضات إلى مسارها الصحيح. يجب مراقبة ردود الفعل الرسمية من مصر والسودان، بالإضافة إلى أي مبادرات دبلوماسية جديدة قد يتم طرحها.





