الأغذية العالمي: إنزال المساعدات الملاذ الأخير لإنقاذ المحاصرين بالسودان

أصبح الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية خيارًا مطروحًا بقوة للوصول إلى المحتاجين في السودان، حيث يواجه البلاد أزمة غذاء حادة. صرح كارل سكاو، نائب مدير برنامج الأغذية العالمي، بأن هذه الخطوة تمثل ملاذًا أخيرًا لكسر الحصار المتزايد وتوفير الدعم المنقذ للحياة، على الرغم من المخاطر والتكاليف الباهظة المرتبطة بها. وتأتي هذه التصريحات في ظل تقارير متصاعدة عن مستويات كارثية من سوء التغذية والجوع في مناطق مختلفة من السودان.
أزمة الغذاء في السودان: الوضع يتدهور والمساعدات تواجه عقبات
يصف برنامج الأغذية العالمي الوضع في السودان بأنه “أسوأ كارثة على مستوى الغذاء في العالم”، مشيرًا إلى أن حوالي 20 مليون شخص يعانون من سوء التغذية، وأن 6 ملايين منهم على شفا المجاعة. يعزى هذا التدهور الحاد إلى استمرار الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما يعيق بشدة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة. بالإضافة إلى ذلك، تسببت الحرب في نزوح الملايين من منازلهم، وتدمير البنية التحتية الزراعية، وارتفاع أسعار الغذاء بشكل كبير.
العقبات اللوجستية والأمنية أمام وصول المساعدات
أكد سكاو أن هناك قوافل وشاحنات مساعدات عالقة تنتظر الإذن بالدخول إلى السودان. وأشار إلى أن القوافل تواجه عراقيل لوجستية وأمنية كبيرة، حيث تعرضت شاحنة مساعدات متجهة إلى طويلة في شمال دارفور لهجوم بطائرة مسيرة مؤخرًا، مما أدى إلى إصابة السائق بجروح خطيرة. هذه الحوادث تزيد من صعوبة مهمة توصيل المساعدات إلى المحتاجين، وتثير مخاوف بشأن سلامة العاملين في المجال الإنساني.
يركز برنامج الأغذية العالمي حاليًا على تقديم المساعدة إلى مناطق جنوب كردفان، حيث تخضع العديد من القرى والبلدات لحصار خانق من قبل قوات الدعم السريع. تشير التقارير إلى أن السكان في هذه المناطق يتضورون جوعًا، مما يستدعي تدخلًا عاجلاً لإنقاذ الأرواح. ويشدد المسؤولون على أهمية استخلاص الدروس من الوضع المأساوي في الفاشر، شمال دارفور، لتجنب تكرار السيناريو ذاته في مناطق أخرى.
على الرغم من التحديات، تمكن برنامج الأغذية العالمي من الوصول إلى حوالي 5 ملايين شخص خلال الأشهر الستة الماضية. وشمل ذلك توزيع المساعدات على مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى مناطق أخرى تحت سيطرة الجيش. وتتنوع استراتيجيات الدعم لتشمل توفير الغذاء الجاهز، والمساعدات النقدية، ودعم المزارعين، وتحسين نظم الري لخفض أسعار الغذاء في مناطق مثل الخرطوم. وتعزيز الأمن الغذائي يعتبر من الأولويات القصوى.
أعرب سكاو عن قلقه العميق بشأن المخاطر التي تواجه عمال الإغاثة في السودان، مشيرًا إلى فقدان عدد منهم أثناء تأدية واجبهم. وناشد المجتمع الدولي الضغط من أجل وقف الاقتتال وضمان توفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية. ويتطلب الوضع الحالي تضافر الجهود الدولية والإقليمية لتقديم الدعم اللازم للسودان وشعبه.
الإنزال الجوي للمساعدات: خيار أخير ومكلف
يشدد برنامج الأغذية العالمي على أن الإنزال الجوي للمساعدات هو خيار أخير، نظرًا لارتفاع تكلفته وتعقيداته اللوجستية. ومع ذلك، يعتبره سكاو وسيلة ضرورية للوصول إلى المحتاجين في المناطق التي تعاني من حصار خانق ولا يمكن الوصول إليها عبر الطرق البرية. وتعتمد نجاح هذه العملية على توفير ضمانات أمنية، والحصول على الموافقات اللازمة من جميع الأطراف المعنية.
يستمر تدهور الوضع الإنساني في السودان في إثارة القلق على نطاق واسع. ويهدف برنامج الأغذية العالمي إلى توسيع نطاق عملياته لتقديم المساعدة إلى المزيد من المحتاجين، ولكنه يواجه قيودًا مالية ولوجستية كبيرة. ويتطلب تحقيق الاستقرار الغذائي في السودان حلاً سياسيًا للصراع، وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وتعزيز القدرة على الصمود لدى المجتمعات المحلية.
من المتوقع أن يستمر برنامج الأغذية العالمي في تقييم الوضع على الأرض، وتحديد المناطق الأكثر تضررًا، وتطوير خطط استجابة فعالة. وستظل مسألة الحصول على الموافقات الأمنية وتوفير ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية هي التحدي الأكبر الذي يواجه المنظمة. ويجب على المجتمع الدولي الاستمرار في الضغط من أجل وقف العنف، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات إلى جميع المحتاجين في السودان.





