الأميرة والمثقفة والفتاة الشعبية.. 5 شخصيات شكّلت مسيرة سمية الألفي

على الرغم من أدائها الهادئ المتزن، نجحت الفنانة المصرية الراحلة سمية الألفي في تجسيد العديد من الشخصيات المركبة والمعقدة خلال مسيرة فنية امتدت لأكثر من 35 عامًا. وقد تركت بصمة واضحة في ذاكرة المشاهدين من خلال 144 عملًا شاركت فيها، بدءًا من المسرح والسينما وصولًا إلى الدراما التلفزيونية. رحلت الفنانة عن عالمنا في 20 ديسمبر 2025، تاركة وراءها إرثًا فنيًا غنيًا ومتنوعًا.
ولدت سمية الألفي في 1953، وبدأت مشوارها الفني في سبعينيات القرن الماضي، حيث اكتسبت تدريجيًا خبرة ومهارة. ومع حصولها على مساحات تمثيلية أكبر في الثمانينات، أثبتت موهبتها وقدرتها على تقديم أدوار مختلفة، مما أهلها للعب أدوار بطولة في العديد من الأعمال الفنية الخالدة التي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم.
“رحلة المليون” و ثنائية فنية ناجحة
شكلت مشاركة سمية الألفي في مسلسل “رحلة المليون” عام 1984 مع الفنان محمد صبحي، علامة فارقة في مسيرتها المهنية. لعبت دور “نسمة”، ابنة رجل الأعمال، في قصة مليئة بالصراعات الإنسانية والطبقية. وقد أظهرت هذه التجربة قدرة الألفي على التفاعل بفاعلية مع نجوم آخرين، وتقديم أداء مقنع يجذب انتباه الجمهور.
ولم تتوقف نجاحات هذه الثنائية عند حدود المسلسل التلفزيوني، بل امتدت لتشمل فيلم “علي بيه مظهر و40 حرامي”، حيث قدمت شخصية “حسنية”، وهي فتاة شعبية بذكاء وفطنة. أظهرت الألفي في هذا الفيلم، قدرتها على المزج بين الكوميديا والدراما، وتقديم شخصية قريبة من قلوب المشاهدين، مما عزز مكانتها كواحدة من أبرز الفنانات المصريات.
دور سمية الألفي في الدراما المصرية
تعتبر مشاركة سمية الألفي في مسلسل “الراية البيضاء” عام 1988، من بين الأدوار المميزة في مسيرتها الفنية. جسدت شخصية “أمل صبور”، الصحفية التي تواجه تحديات كبيرة في سبيل كشف الفساد والمظالم. وقد تمكنت الألفي من إبراز قوة الشخصية وعزيمتها، بالإضافة إلى هشاشتها وإنسانيتها، مما جعلها شخصية مؤثرة في نفوس المشاهدين.
وشاركت الفنانة سمية الألفي في العديد من المسلسلات والأفلام الأخرى، مثل “ليالي الحلمية”، حيث قدمت دور الأميرة “نورهان”، و”بوابة الحلواني”، الذي أظهر قدرتها على تجسيد الشخصيات التاريخية بصدق وإقناع، مما رسخ اسمها كواحدة من أهم الممثلات اللاتي قدمن أدوارًا نسائية قوية في الدراما المصرية.
“بوابة الحلواني”: صراع الطبقات وأداء متميز
دورها في “بوابة الحلواني” يعتبر من أهم الأعمال التي قدمتها. أظهرت الألفي في هذا المسلسل، قدرة فائقة على فهم وتجسيد دوافع وشخصيات أفراد المجتمع المصري في فترة تاريخية معينة. واستطاعت ببراعة أن تنقل مشاعر الصراع بين الطبقات المختلفة، وتأثير ذلك على العلاقات الإنسانية، مما جعل المسلسل من بين الأعمال الدرامية الأكثر نجاحًا وشعبية في تاريخ التلفزيون المصري.
تقييم مساهمة سمية الألفي في الفن
يمكن القول إن سمية الألفي قدمت مساهمة قيمة في الفن المصري والعربي. من خلال أدوارها المتنوعة، أظهرت قدرة فنية عالية، وتميزت بالصدق والإقناع في الأداء. كما أنها كانت قادرة على التعامل مع مختلف أنواع الشخصيات، سواء كانت تاريخية أو معاصرة، قوية أو ضعيفة، مما جعلها فنانة محبوبة ومحترمة من قبل الجمهور والنقاد على حد سواء.
وبالنظر إلى أدوارها، فإن سمية الألفي أثبتت أنها فنانة متعددة المواهب، قادرة على التكيف مع مختلف الظروف والمتطلبات، وتقديم أفضل ما لديها في كل عمل تشارك فيه. ولم تقتصر موهبتها على التمثيل فقط، بل امتدت لتشمل القدرة على اختيار الأدوار المناسبة التي تبرز قدراتها الفنية، وتضيف إلى رصيدها الإبداعي.
تعتبر رحلة سمية الألفي الفنية بمثابة مصدر إلهام للأجيال القادمة من الفنانين، حيث أنها أثبتت أن الموهبة والاجتهاد والإخلاص يمكن أن يصنعا الفارق في أي مجال. وستظل أعمالها الفنية خالدة في ذاكرة الجمهور، شاهدة على موهبتها وإبداعها.
من المتوقع أن يتم تنظيم فعاليات لتكريم ذكرى الفنانة سمية الألفي في الأسابيع القادمة، مع التركيز على إرثها الفني ومساهماتها في تطوير الدراما المصرية. وسيتم عرض أبرز أعمالها على القنوات التلفزيونية المختلفة، بالإضافة إلى إقامة ندوات ومحاضرات لمناقشة حياتها ومسيرتها الفنية. ومع ذلك، لا يزال التخطيط لهذه الفعاليات في مراحله الأولية، ويحتاج إلى مزيد من التشاور والتنسيق بين الجهات المعنية.





